{ وَهَدَيْنَـٰهُ ٱلنَّجْدَينِ } طريقي الخير والشر، أو الثديين وأصله المكان المرتفع. { فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ } أي فلم يشكر تلك الأيادي باقتحام العقبة وهو الدخول في أمر شديد، و { ٱلْعَقَبَةَ } الطريق في الجبل استعارها بما فسرها عزَّ وجلّ به من الفك والإطعام في قوله: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } لما فيهما من مجاهدة النفس ولتعدد المراد بها حسن وقوع لا موقع لم فإنها لا تكاد تقع إلا مكررة، إذ المعنى: فَلاَ فَكَ رَقَبةً ولا أَطْعَمَ يَتيماً أو مسكيناً. والمسغبة والمقربة والمتربة مفعلات من سغب إذا جاع وقرب في النسب وترب إذا افتقر، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي « فَكُّ رَقَبَةٍ أو أطعم»على الإِبدال من { ٱقتَحَمَ } وقوله تعالى: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ } اعتراض معناه إنك لم تدر كنه صعوبتها وثوابها. { ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } عطفه على { ٱقتَحَمَ } ، أو { فَكُّ } بـ { ثُمَّ } لتباعد الإيمان عن العتق والإطعام في الرتبة لاستقلاله واشتراط سائر الطاعات به. { وَتَوَاصَوْاْ } وأوصى بعضهم بعضاً. { بِٱلصَّبْرِ } على طاعة الله تعالى. { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْمَرْحَمَةِ } بالرحمة على عباده، أو بموجبات رحمة الله تعالى. { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ } اليمين أو اليمن. { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِنَا } بما نصبناه دليلاً على الحق من كتاب وحجة أو بالقرآن. { هُمْ أَصْحَـٰبُ ٱلْمَشْـئَمَةِ } الشمال أو الشؤم، ولتكرير ذكر المؤمنين باسم الإِشارة والكفار بالضمير شأن لا يخفى. { عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةُ } مطبقة من أوصدت الباب إذا أطبقته وأغلقته. وقرأ أبو عمرو وحمزة وحفص بالهمزة من آصدته. عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ لا أقسم بهذا البلد أعطاه الله سبحانه وتعالى الأمان من غضبه يوم القيامة ".