الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُوۤاْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

{ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ } روي أنه صلى الله عليه وسلم أقام في غزوة تبوك شهرين ينزل عليه القرآن ويعيب المتخلفين فقال الجلاس بن سويد: لئن كان ما يقول محمد لإخواننا حقاً لنحن شر من الحمير، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستحضره فحلف بالله ما قاله فنزلت فتاب الجلاس وحسنت توبته. { وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلَـٰمِهِمْ } وأظهروا الكفر بعد إظهار الإِسلام. { وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ } من فتك الرسول، وهو أن خمسة عشر منهم توافقوا عند مرجعه من تبوك أن يدفعوه عن راحلته إلى الوادي إذ تسنم العقبة بالليل، فأخذ عمار بن ياسر بخطام راحلته يقودها وحذيفة خلفها يسوقها، فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة بوقع أخفاف الإبل وقعقعة السلاح فقال إليكم إليكم يا أعداء الله فهربوا، أو إخراجه وإخراج المؤمنين من المدينة أو بأن يتوجوا عبد الله بن أبي وإن لم يرض رسول الله صلى الله عليه وسلم. { وَمَا نَقَمُواْ } وما أنكروا أو ماوجدوا ما يورث نقمتهم. { إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ } فإن أكثر أهل المدينة كانوا محاويج في ضنك من العيش، فلما قدمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أثروا بالغنائم وقتل للجلاس مولى فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بديته اثني عشر ألفاً فاستغنى. والاستثناء مفرغ من أعم المفاعيل أو العلل. { فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ } وهو الذي حمل الجلاس على التوبة والضمير في { يَكُ } للتوب. { وَإِن يَتَوَلَّوْا } بالإِصرار على النفاق. { يُعَذّبْهُمُ ٱللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةِ } بالقتل والنار. { وَمَا لَهُمْ فِى ٱلأَرْضِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ } فينجيهم من العذاب.