{ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ } أن الشأن وقرىء بالتاء. { مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } يشاقق مفاعلة من الحد. { فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا } على حذف الخبر أي فحق أن له أو على تكرير أن للتأكيد ويحتمل أن يكون معطوفاً على أنه ويكون الجواب محذوفاً تقديره من يحادد الله ورسوله يهلك، وقرىء { فَإن } بالكسر. { ذٰلِكَ ٱلْخِزْىُ ٱلْعَظِيمُ } يعني الهلاك الدائم. { يَحْذَرُ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ } على المؤمنين. { سُورَةٌ تُنَبّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم } وتهتك عليهم أستارهم، ويجوز أن يكون الضمائر للمنافقين فإن النازل فيهم كالنازل عليهم من حيث إنه مقروء ومحتج به عليهم، وذلك يدل على ترددهم أيضاً في كفرهم وأنهم لم يكونوا على بت في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بشيء. وقيل إنه خبر في معنى الأمر. وقيل كانوا يقولونه فيما بينهم استهزاء لقوله: { قُلْ ٱسْتَهْزِءواْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ } مبرز أو مظهر. { مَّا تَحْذَرُونَ } أي ما تحذرونه من إنزال السورة فيكم، أو ما تحذرون إظهاره من مساويكم. { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } روي: أن ركب المنافقين مروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقالوا: انظروا إلى هذا الرجل يريد أن يفتح قصور الشام وحصونه هيهات هيهات، فأخبر الله تعالى به نبيه فدعاهم فقال: «قلتم كذا وكذا» فقالوا لا والله ما كنا في شيء من أمرك وأمر أصحابك ولكن كنا في شيء مما يخوض فيه الركب ليقصر بعضنا على بعض السفر. { قُلْ أَبِٱللَّهِ وَءايَـٰتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهزِؤون } توبيخاً على استهزائهم بمن لا يصح الاستهزاء به، وإلزاماً للحجة عليهم ولا تعبأ باعتذارهم الكاذب. { لاَ تَعْتَذِرُواْ } لا تشتغلوا باعتذارتكم فإنها معلومة الكذب. { قَدْ كَفَرْتُمْ } قد أظهرتم الكفر بإيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم والطعن فيه. { بَعْدَ إِيمَـٰنِكُمْ } بعد إظهاركم الإيمان. { إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مّنْكُمْ } لتوبتهم وإخلاصهم، أو لتجنبهم عن الإيذاء والاستهزاء. { نُعَذّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } مصرين على النفاق أو مقدمين على الإِيذاء والاستهزاء. وقرأ عاصم بالنون فيهما. وقرىء بالياء وبناء الفاعل فيهما وهو الله «وإن تعف» بالتاء والبناء على المفعول ذهاباً إلى المعنى كأنه قال: أن ترحم طائفة. { ٱلْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلْمُنَـٰفِقَاتُ بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ } أي متشابهة في النفاق والبعد عن الإِيمان كأبعاض الشيء الواحد. وقيل إنه تكذيب لهم في حلفهم بالله إنهم لمنكم وتقرير لقولهم وما هم منكم وما بعده كالدليل عليه، فإنه يدل على مضادة حالهم لحال المؤمنين وهو قوله: { يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ } بالكفر والمعاصي. { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ } عن الإِيمان والطاعة. { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } عن المبار، وقبض اليد كناية عن الشح. { نَسُواْ ٱللَّهَ } غفلوا عن ذكر الله وتركوا طاعته.