الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } * { إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } * { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً } * { قُلْ إِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّيۤ أَمَداً } * { عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً } * { إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } * { لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً }

{ قُلْ إِنّى لَن يُجِيرَنِى مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ } إن أراد بي سوءاً. { وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } منحرفاً أو ملتجأ وأصله المدخل من اللحد.

{ إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ } استثناء من قوله لا أملك فإن التبليغ إرشاد وإنفاع وما بينهما اعتراض مؤكد لنفي الاستطاعة، أو من ملتحداً أو معناه أن لا أبلغ بلاغاً وما قبله دليل الجواب. { وَرِسَـٰلَـٰتِهِ } عطف على { بَلاَغاً } و { مِنَ ٱللَّهِ } صفته فإن صلته عن كقوله صلى الله عليه وسلم: " بلغوا عني ولو آية " { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } في الأمر بالتوحيد إذ الكلام فيه. { فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ } وقرىء { فَانٍ } على فجزاؤه أن. { خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَداً } جمعه للمعنى.

{ حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ } في الدنيا كوقعة بدر، أو في الآخرة والغاية لقوله: { يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } بالمعنى الثاني، أو لمحذوف دل عليه الحال من استضعاف الكفار وعصيانهم له. { فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً } هو أم هم.

{ قُلْ إِنْ أَدْرِى } ما أدري. { أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبّى أَمَداً } غاية تطول مدتها كأنه لما سمع المشركون { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ } قالوا متى يكون إنكاراً، فقيل قل إنه كائن لا محالة ولكن لا أدري ما وقته.

{ عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ } هو عالم الغيب. { فَلاَ يُظْهِرُ } فلا يطلع. { عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً } أي على الغيب المخصوص به علمه.

{ إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ } لعلم بعضه حتى يكون له معجزة. { مِن رَّسُولٍ } بيان لـ { مِنْ } ، واستدل به على إبطال الكرامات، وجوابه تخصيص الرسول بالملك والإظهار بما يكون بغير وسط، وكرامات الأولياء على المغيبات إنما تكون تلقياً عن الملائكة كاطلاعنا على أحوال الآخرة بتوسط الأنبياء. { فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ } من بين يدي المرتضى { وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } حرساً من الملائكة يحرسونه من اختطاف الشياطين وتخاليطهم.

{ لّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ } أي ليعلم النبي الموحى إليه أن قد أبلغ جبريل والملائكة النازلون بالوحي، أو ليعلم الله تعالى أن قد أبلغ الأنبياء بمعنى ليتعلق علمه به موجوداً. { رِسَـٰلَـٰتِ رَبّهِمْ } كما هي محروسة من التغيير. { وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ } بما عند الرسل. { وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَىْءٍ عَدَداً } حتى القطر والرمل.

عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الجن كان له بعدد كل جني صدق محمداً أو كذب به عتق رقبة ".