الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }

{ يَـٰبَنِى ءادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ } ثيابكم لمواراة عورتكم. { عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ } لطواف أو صلاة، ومن السنة أن يأخذ الرجل أحسن هيئة للصلاة، وفيه دليل على وجوب ستر العورة في الصلاة. { وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ } ما طاب لكم. روي: أن بني عامر في أيام حجهم كانوا لا يأكلون الطعام إلا قوتاً ولا يأكلون دسماً يعظمون بذلك حجهم فهم المسلمون به، فنزلت. { وَلاَ تُسْرِفُواْ } بتحريم الحلال، أو بالتعدي إلى الحرام، أو بإفراط الطعام والشره عليه. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كل ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة. وقال علي ابن الحسين بن واقد: قد جمع الله الطب في نصف آية فقال: (كلوا واشربوا ولا تسرفوا). { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } أي لا يرتضي فعلهم.

{ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ } من الثياب وسائر ما يتجمل به. { ٱلَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ } من النبات كالقطن والكتان، والحيوان كالحرير والصوف، والمعادن كالدروع. { وَالْطَّيِّبَـٰتِ مِنَ ٱلرّزْقِ } المستلذات من المآكل والمشارب. وفيه دليل على أن الأصل في المطاعم والملابس وأنواع التجملات الإِباحة، لأن الاستفهام في من للإنكار. { قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } بالأصالة والكفرة وإن شاركوهم فيها فتبع. { خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } لا يشاركهم فيها غيرهم، وانتصابها على الحال. وقرأ نافع بالرفع على أنها خبر بعد خبر. { كَذَلِكَ نُفَصِلُ ٱلآيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أي كتفصيلنا هذا الحكم نفصل سائر الأحكام لهم.