الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }

{ كِتَابٌ } خبر مبتدأ محذوف أي هو كتاب، أو خبر { المص } والمراد به السورة أو القرآن. { أَنزَلَ إِلَيْكَ } صفته. { فَلاَ يَكُن فِى صَدْرِكَ حَرَجٌ مّنْهُ } أي شك، فإن الشك حرج الصدر أو ضيق قلب من تبليغه مخافة أن تكذب فيه، أو تقصر في القيام بحقه، وتوجيه النهي فيه للمبالغة كقولهم: لا أرينك ها هنا. والفاء تحتمل العطف والجواب فكأنه قيل: إذا أنزل إليك لتنذر به فلا يحرج صدرك. { لِتُنذِرَ بِهِ } متعلق بأنزل أو بلا يكن لأنه إذا أيقن أنه من عند الله جسر على الإنذار، وكذا إذا لم يخفهم أو علم أنه موفق للقيام بتبليغه. { وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } يحتمل النصب بإضمار فعلها أي: لتنذر وتذكر ذكرى فإنها بمعنى التذكير، والجر عطفاً على محل تنذر والرفع عطفاً على كِتَابٌ أو خبراً لمحذوف.

{ ٱتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ } يعم القرآن والسنة لقوله سبحانه وتعالى:وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَىٰ } [النجم: 3-4] { وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء } يضلونكم من الجن والإِنس. وقيل الضمير في { مِن دُونِهِ } لـ { مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ } أي: ولا تتبعوا من دون دين الله دين أولياء. وقرىء «ولا تبتغوا». { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } أي تذكراً قليلاً أو زماناً قليلاً تذكرون حيث تتركون دين الله وتتبعون غيره، و«ما» مزيدة لتأكيد القلة وإن جعلت مصدرية لم ينتصب { قَلِيلاً } بـ { تَذَكَّرُونَ }. وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم { تَذَكَّرُونَ } بحذف التاء، وابن عامر «يتذكرون» على أن الخطاب بعد النبي صلى الله عليه وسلم.