الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } * { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } * { قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ } * { وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْوۤاْ إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ } * { قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } * { قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحْنُ ٱلْمُلْقِينَ } * { قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّآ أَلْقَوْاْ سَحَرُوۤاْ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَآءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } * { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ } * { فَوَقَعَ ٱلْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَٱنقَلَبُواْ صَاغِرِينَ } * { وَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَاجِدِينَ } * { قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } * { قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي ٱلْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَآ أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ }

{ وَنَزَعَ يَدَهُ } من جيبه أو من تحت إبطه. { فَإِذَا هِىَ بَيْضَاء لِلنَّـٰظِرِينَ } أي بيضاء بياضاً خارجاً عن العادة تجتمع عليها النظارة، أو بيضاء للنظار لا أنها كانت بيضاء في جبلتها. روي: أنه عليه السلام كان آدم شديد الأدمة، فأدخل يده في جيبه أو تحت إبطه ثم نزعها فإذا هي بيضاء نورانية غلب شعاعها شعاع الشمس.

{ قَالَ ٱلْمَلأ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌ عَلِيمٌ } قيل قاله هو وأشراف قومه على سبيل التشاور في أمره، فحكى عنه في سورة الشعراء وعنهم ها هنا.

{ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } تشيرون في أن نفعل.

{ قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِى ٱلْمَدَائِنِ حَـٰشِرِينَ }.

{ يَأْتُوكَ بِكُلّ سَـٰحِرٍ عَلِيمٍ } كأنه اتفقت عليه آراؤهم فأشاروا به على فرعون، والإِرجاء التأخير أي أخر أمره، وأصله أرجئه كما قرأ أبو عمرو وأبو بكر ويعقوب من أرجأت، وكذلك «أرجئوه» على قراءة ابن كثير على الأصل في الضمير، أو { أَرْجِهْ } من أرجيت كما قرأ نافع في رواية ورش وإسماعيل والكسائي، وأما قراءته في رواية قالون { أَرْجِهْ } بحذف الياء فللاكتفاء بالكسرة عنها، وأما قراءة حمزة وعاصم وحفص { أَرْجِهْ } بسكون الهاء فلتشبيه المنفصل بالمتصل وجعل جِه كابل في إسكان وسطه وأما قراءة ابن عامر برواية ابن ذكوان «أرجئه» بالهمزة وكسر الهاء فلا يرتضيه النحاة فإن الهاء لا تكسر إلا إذا كان قبلها كسرة أو ياء ساكنة، ووجهه أن الهمزة لما كانت تقلب ياء أجريت مجراها. وقرأ حمزة والكسائي «بكل سحار» فيه وفي «يونس» ويؤيده اتفاقهم عليه في «الشعراء».

{ وَجَاء ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ } بعد ما أرسل الشرطة في طلبهم. { قَالْواْ إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَـٰلِبِينَ } استأنف به كأنه جواب سائل قال: ما قَالُوا إذ جاؤوا؟ وقرأ ابن كثير ونافع وحفص عن عاصم { إِنَّ لَنَا لأَجْرًا } على الإِخبار وإيجاب الأجر كأنهم قالوا لا بد لنا من أجر، والتنكير للتعظيم.

{ قَالَ نَعَمْ } إن لكم لأجراً. { وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } عطف على ما سد مسده { نِعْمَ } وزيادة على الجواب لتحريضهم.

{ قَالُواْ يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ ٱلْمُلْقِينَ } خيروا موسى مراعاة للأدب أو إظهاراً للجلادة، ولكن كانت رغبتهم في أن يلقوا قبله فنبهوا عليها بتغيير النظم إلى ما هو أبلغ وتعريف الخبر وتوسيط الفصل أو تأكيد ضميرهم المتصل بالمنفصل فلذلك:

{ قَالَ بَلْ أَلْقُوا } كرماً وتسامحاً، أو ازدراء بهم ووثوقاً على شأنه. { فَلَمَّا أَلْقُوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ } بأن خيلوا إليها ما الحقيقة بخلافه. { وَٱسْتَرْهَبُوهُمْ } وأرهبوهم إرهاباً شديداً كأنهم طلبوا رهبتهم. { وَجَاءو بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } في فنه. روي أنهم ألقوا حبالاً غلاظاً وخشباً طوالاً كأنها حيات ملأت الوادي، وركب بعضها بعضاً.

{ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ } فألقاها فصارت حية.

السابقالتالي
2