الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } * { أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ } * { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ } * { إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ } * { وَلاَ يَسْتَثْنُونَ } * { فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ } * { فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ } * { فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ } * { أَنِ ٱغْدُواْ عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ } * { فَٱنطَلَقُواْ وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ } * { أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ } * { وَغَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ } * { فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوۤاْ إِنَّا لَضَآلُّونَ }

{ هَمَّازٍ } عياب. { مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ } نقال للحديث على وجه السعاية. { مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ } يمنع الناس عن الخير من الإِيمان والإِيقان والعمل الصالح. { مُعْتَدٍ } متجاوز في الظلم. { أَثِيمٍ } كثير الآثام.

{ عُتُلٍ } جافٍ غليظ من عتله إذا قاده بعنف وغلظة. { بَعْدَ ذَلِكَ } بعدما عد من مثالبه. { زَنِيمٍ } دعي مأخوذ من زنمتي الشاة وهما المتدليتان من أذنها وحلقها، قيل هو الوليد بن المغيرة ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة من مولده. وقيل الأخنس بن شريق أصله من ثقيف وعداده في زهرة.

{ أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءايَـٰتُنَا قَالَ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } قال ذلك حينئذ لأنه كان متمولاً مستظهراً بالبنين من فرط غروره، لكن العامل مدلول قال لانفسه، لأن ما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله، ويجوز أن يكون علة لـ { لاَ تطع } أي لا تطع من هذه مثاله لأن كان ذا مال. وقرأ ابن عامر وحمزة ويعقوب وأبو بكر «أن كان» على الاستفهام، غير أن ابن عامر جعل الهمزة الثانية بين بين أي «الأن كان ذا مال» كذب، أو أتطيعه لأن كان ذا مال. وقرىء «أن كان» بالكسر على أن شرط الغنى في النهي عن الطاعة كالتعليل بالفقر في النهي عن قتل الأولاد، أو { أن } شرطه للمخاطب أي لا تطعه شارطاً يساره لأنه إذا أطاع للغني فكأنه شرطه في الطاعة.

{ سَنَسِمُهُ } بالكي. { عَلَى ٱلْخُرْطُومِ } على الأنف وقد أصاب أنف الوليد جراحة يوم بدر فبقي أثره، وقيل هو عبارة عن أن يذله غاية الإِذلال كقولهم: جدع أنفه، رغم أنفه، لأن السمة على الوجه سيما على الأنف شين ظاهر، أو نسود وجهه يوم القيامة.

{ إِنَّا بَلَوْنَـٰهُمْ } بلونا أهل مكة شرفها الله تعالى، بالقحط. { كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ } يريد البستان الذي كان دون صنعاء بفرسخين، وكان لرجل صالح وكان ينادي الفقراء وقت الصرام ويترك لهم ما أخطأه المنجل وألقته الريح، أو بعد من البساط الذي يبسط تحت النخلة فيجتمع لهم شيء كثير، فلما مات قال بنوه إن فعلنا ما كان يفعله أبونا ضاق علينا الأمر، فحلفوا { لَيَصْرِمُنَّهَا } وقت الصباح خفية عن المساكين كما قال: { إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ } ليقطعنها داخلين في الصباح.

{ وَلاَ يَسْتَثْنُونَ } ولا يقولون إن شاء الله، وإنما سماه استثناء لما فيه من الإِخراج غير أن المخرج به خلاف المذكور والمخرج بالاستثناء عينه، أو لأن معنى لأخرج إن شاء الله ولا أخرج إلى أن يشاء الله واحد، أو { وَلاَ يَسْتَثْنُونَ } حصة المساكين كما كان يخرج أبوهم.

{ فَطَافَ عَلَيْهَا } على الجنة. { طَـئِفٌ } بلاء طائف. { مِن رَبّكَ } مبتدأ منه. { وَهُمْ نَائِمُونَ }.

{ فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ } كالبستان الذي صرم ثماره بحيث لم يبق فيه شيء.

السابقالتالي
2