الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَولَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ وَٱسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ } * { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } كأنها والآية المتقدمة بيان لـ { ٱلتَّغَابُنِ } وتفصيل له.

{ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } إلا بتقديره وإرادته. { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ } للثبات والاسترجاع عند حلولها، وقرىء { يَهْدِ قَلْبَهُ } بالرفع على إقامته مقام الفاعل وبالنصب على طريقةسَفِهَ نَفْسَهُ } [البقرة: 130] ويهدأ بالهمزة أي يسكن. { وَٱللَّهُ بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ } حتى القلوب وأحوالها.

{ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَولَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ } أي فإن توليتم فلا بأس عليه إذ وظيفته التبليغ وقد بلغ.

{ ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } لأن إيمانهم بأن الكل منه يقتضي ذلك.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِنَّ مِنْ أَزْوٰجِكُمْ وَأَوْلـٰدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ } يشغلكم عن طاعة الله أو يخاصمكم في أمر االدين أو الدنيا. { فَٱحْذَرُوهُمْ } ولا تأمنوا غوائلهم. { وَأَن تَعْفُواْ } عن ذنوبهم بترك المعاقبة. { وَتَصْفَحُواْ } بالإِعراض وترك التثريب عليها. { وَتَغْفِرُواْ } بإخفائها وتمهيد معذرتهم فيها. { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } يعاملكم بمثل ما عملتم ويتفضل عليكم.

{ إِنَّمَا أَمْوٰلُكُمْ وَأَوْلَـٰدُكُمْ فِتْنَةٌ } اختبار لكم. { وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } لمن آثر محبة الله وطاعته على محبة الأموال والأولاد والسعي لهم.

{ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } أي ابذلوا في تقواه جهدكم وطاقتكم. { وَٱسْمَعُواْ } مواعظه. { وَأَطِيعُواْ } أوامره. { وَأَنْفِقُواْ } في وجوه الخير خالصاً لوجهه. { خَيْرًا لأَِنْفُسِكُمْ } أي افعلوا ما هو خير لها، وهو تأكيد للحث على امتثال هذه الأوامر، ويجوز أن يكون صفة مصدر محذوف تقديره: انفاقاً خيراً أو خبراً لكان مقدراً جواباً للأوامر. { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } سبق تفسيره.

{ إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ } تصرفوا المال فيما أمره. { قَرْضًا حَسَنًا } مقروناً بإخلاص وطيب قلب. { يُضَـٰعِفْهُ لَكُمْ }. يجعل لكم بالواحد عشراً إلى سبعمائة وأكثر، وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب «يضعفه لكم». { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } ببركة الإنفاق. { وَٱللَّهُ شَكُورٌ } يعطي الجزيل بالقليل. { حَلِيمٌ } لا يعاجل بالعقوبة.

{ عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ } لا يخفي عليه شيء. { ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } تام القدرة والعلم.

عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة التغابن دفع عنه موت الفجأة " والله أعلم.