الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }

{ فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل أو عن بياض النهار، أو شاق ظلمة الإِصباح وهو الغبش الذي يليه والإِصباح في الأصل مصدر أصبح إذا دخل في الصباح سمي به الصبح. وقرىء بفتح الهمزة على الجمع وقرىء { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } بالنصب على المدح. { وَجَاعِلُ اللَّيْل سَكَناً } يسكن إليه التعب بالنهار لاستراحته فيه من سكن إليه إذا اطمأن إليه استئناساً به، أو يسكن فيه الخلق من قوله تعالى:لِتَسْكُنُواْ فِيهِ } [النمل: 86] ونصبه بفعل دل عليه جاعل لا به، فإن في معنى الماضي. ويدل عليه قراءة الكوفيين { وَجَعَلَ ٱلَّيْلَ } حملاً على معنى المعطوف عليه، فإن فالق بمعنى فلق ولذلك قرىء به، أو به على أن المراد منه جعل مستمر في الأزمنة المختلفة وعلى هذا يجوز أن يكون { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } عطفاً على محل الليل ويشهد له قراءتهما بالجر والأحسن نصبهما بجعل مقدراً. وقرىء بالرفع على الابتداء والخبر محذوف أي مجعولان. { حُسْبَاناً } أي على أدوار مختلفة يحسب بهما الأوقات ويكونان علمي الحسبان، وهو مصدر حسب بالفتح كما أن الحسبان بالكسر مصدر حسب. وقيل جمع حساب كشهاب وشهبان. { ذٰلِكَ } إشارة إلى جعلهما حسباناً أي ذلك التسيير بالحساب المعلوم. { تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ } الذي قهرهما وسيرهما على الوجه المخصوص. { ٱلْعَلِيمُ } بتدبيرهما والأنفع من التداوير الممكنة لهما.