الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ }

{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا } للحساب والجزاء. { فُرَادَىٰ } منفردين عن الأموال والأولاد وسائر ما آثرتموه من الدنيا، أو عن الأعوان والأوثان التي زعمتم أنها شفعاؤكم، وهو جمع فرد والألف للتأنيث ككسالى. وقرىء «فراد» كرخال وفراد كثلاث وفردى كسكرى. { كَمَا خَلَقْنَـٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } بدل منه أي على الهيئة التي ولدتم عليها في الانفراد، أو حال ثانية إن جوز التعدد فيها، أو حال من الضمير في { فُرَادَىٰ } أي مشبهين ابتداء خلقكم عراة حفاة غرلاً بهما، أو صفة مصدر { جِئْتُمُونَا } أي مجيئنا كما خلقناكم. { وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَـٰكُمْ } ما تفضلنا به عليكم في الدنيا فشغلتم به عن الآخرة. { وَرَاء ظُهُورِكُمْ } ما قدمتم منه شيئاً ولم تحتملوا نقيراً. { وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء } أي شركاء لله في ربوبيتكم واستحقاق عبادتكم. { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } أي تقطع وصلكم وتشتت جمعكم، والبين من الأضداد يستعمل للوصل والفصل. وقيل هو ظرف أسند إليه الفعل اتساعاً والمعنى: وقع التقطع بينكم، ويشهد له قراءة نافع والكسائي وحفص عن عاصم بالنصب على إضمار الفاعل لدلالة ما قبله عليه، أو أقيم مقام موصوفة وأصله لقد تقطع ما بينكم وقد قرىء به. { وَضَلَّ عَنكُم } ضاع وبطل. { مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } أنها شفعاؤكم أو أن لا بعث ولا جزاء.