الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } * { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }

{ وَمَا أَفَاء ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ } وما أعاده عليه بمعنى صيره له أورده عليه، فإنه كان حقيقاً بأن يكون له لأنه تعالى خلق الناس لعبادته وخلق ما خلق لهم ليتوسلوا به إلى طاعته فهو جدير بأن يكون للمطيعين. { مِنْهُمْ } من بني النضير أو من الكفرة. { فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ } فما أجريتم على تحصيله من الوجيف وهو سرعة السير. { مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ } ما يركب من الإِبل غلب فيه كما غلب الراكب على راكبه، وذلك إن كان المراد فيءُ بني النضير، فلأن قراهم كانت على ميلين من المدينة فمشوا إليها رجالاً غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه ركب جملاً أو حماراً، ولم يجر مزيد قتال ولذلك لم يعط الأنصار منه شيئاً إلا ثلاثة كانت بهم حاجة. { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ } بقذف الرعب في قلوبهم. { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } فيفعل ما يريد تارة بالوسائط الظاهرة وتارة بغيرها.

{ مَّا أَفَاء ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } بيان للأول ولذلك لم يعطف عليه. { فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } اختلف في قسم الفيء، فقيل يسدس لظاهر الآية ويصرف سهم الله في عمارة الكعبة وسائر المساجد، وقيل يخمس لأن ذكر الله للتعظيم ويصرف الآن سهم الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الإِمام على قول وإلى العساكر والثغور على قول وإلى مصالح المسلمين على قول. وقيل يخمس خمسه كالغنيمة فإنه عليه الصلاة والسلام كان يقسم الخمس كذلك ويصرف الأخماس الأربعة كما يشاء والآن على الخلاف المذكور. { كَيْلاَ يَكُونَ } أي الفيء الذي حقه أن يكون للفقراء. وقرأ هشام في رواية بالتاء. { دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ } الدولة ما يتداوله الأغنياء ويدور بينهم كما كان في الجاهلية، وقرىء { دُولَةً } بمعنى كيلا يكون الفيء ذا تداول بينهم أو أخذه غلبة تكون بينهم، وقرأ هشام «دُولَةً» بالرفع على كان التامة أي كيلا يقع دولة جاهلية. { وَمَا ءاتَـٰكُمُ ٱلرَّسُولُ } وما أعطاكم من الفيء أو من الأمر. { فَخُذُوهُ } لأنه حلال لكم، أو فتمسكوا به لأنه واجب الطاعة. { وَمَا نَهَـٰكُمْ عَنْهُ } عن أخذه منه، أو عن إتيانه. { فَٱنتَهُواْ } عنه. { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في مخالفة رسوله. { إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } لمن خالفه.

{ لِلْفُقَرَاء الْمُهَـٰجِرِينَ } بدل من { ذَا ٱلْقُرْبَىٰ } و { مَا } عطف عليه فإن { ٱلرَّسُولَ } لا يسمى فقيراً، ومن أعطى أغنياء ذوي القربى خصص الإبدال بما بعده، والفيء بفيء بني النضير. { الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ وَأَمْوٰلِهِمْ } فإن كفار مكة أخرجوهم وأخذوا أموالهم. { يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً } حال مقيدة لإخراجهم بما يوجب تفخيم شأنهم. { وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } بأنفسهم وأموالهم.

السابقالتالي
2