الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } * { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } * { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } * { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } * { ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ } * { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } * { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } * { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } * { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } * { مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } * { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } * { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ } * { عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ } * { عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ }

مكية وآيها إحدى أو اثنتان وستون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } أقسم بجنس النجوم أو الثريا فإنه غلب فيها إذا غرب أو انتثر يوم القيامة أو انقض أو طلع فإنه يقال: هوى هوياً بالفتح إذا سقط وغرب، وهويا بالضم إذا علا وصعد، أو بالنجم من نجوم القرآن إذا نزل أو النبات إذا سقط على الأرض، أو إذا نما وارتفع على قوله:

{ مَا ضَلَّ صَـٰحِبُكُمْ } ما عدل محمد صلى الله عليه وسلم عن الطريق المستقيم، والخطاب لقريش. { وَمَا غَوَىٰ } وما اعتقد باطلاً والخطاب لقريش، والمراد نفي ما ينسبون إليه.

{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } وما يصدر نطقه بالقرآن عن الهوى.

{ إِنْ هُوَ } ما القرآن أو الذي ينطق به. { إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَىٰ } أي إلا وحي يوحيه الله إليه، واحتج به من لم ير الاجتهاد له. وأجيب عنه بأنه إذا أوحي إليه بأن يجتهد كان اجتهاده وما يستند إليه وحياً، وفيه نظر لأن ذلك حينئذ يكون بالوحي لا الوحي.

{ عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } ملك شديد قواه وهو جبريل عليه السلام فإنه الواسطة في إبداء الخوارق، روي أنه قلع قرى قوم لوط ورفعها إلى السماء ثم قلبها وصاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين.

{ ذُو مِرَّةٍ } حصافة في عقله ورأيه. { فَٱسْتَوَىٰ } فاستقام على صورته الحقيقية التي خلقه الله تعالى عليها. قيل ما رآه أحد من الأنبياء في صورته غير محمد عليه الصلاة والسلام مرتين، مرة في السماء ومرة في الأرض، وقيل استوى بقوته على ما جعل له من الأمر.

{ وَهُوَ بِٱلأَفُقِ ٱلاْعْلَىٰ } في أفق السماء والضمير لجبريل عليه السلام.

{ ثُمَّ دَنَا } من النبي عليه الصلاة والسلام. { فَتَدَلَّىٰ } فتعلق به وهو تمثيل لعروجه بالرسول صلى الله عليه وسلم. وقيل ثم تدلى من الأفق الأعلى فدنا فيكون من الرسول إشعاراً بأنه عرج به غير منفصل عن محله تقريراً لشدة قوته، فإن التدلي استرسال مع تعلق كتدلي الثمرة، ويقال دلى رجليه من السرير وأدلى دلوه، والدوالي الثمر المعلق.

{ فَكَانَ } جبريل عليه السلام كقولك: هو مني معقد إزار، أو المسافة بينهما. { قَابَ قَوْسَيْنِ } مقدارهما. { أَوْ أَدْنَىٰ } على تقديركم كقوله أو يزيدون، والمقصود تمثيل ملكة الاتصال وتحقيق استماعه لما أوحي إليه بنفي البعد الملبس.

{ فَأَوْحَىٰ } جبريل عليه السلام. { إِلَىٰ عَبْدِهِ } عبد الله واضماره قبل الذكر لكونه معلوماً كقوله:عَلَىٰ ظَهْرِهَا } [فاطر: 45] { مَا أَوْحَىٰ } جبريل عليه السلام وفيه تفخيم للموحى به أو الله إليه، وقيل الضمائر كلها لله تعالى وهو المعني بشديد القوى كما في قوله تعالى:إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ } [الذاريات: 58] ودنوه منه برفع مكانته وتدليه جذبه بشراشره إلى جناب القدس.

السابقالتالي
2