الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاۤئِمٍ ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }

{ يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ } قرأه على الأصل نافع وابن عامر وهو كذلك في الإِمام، والباقون بالإِدغام وهذا من الكائنات التي أخبر الله تعالى عنها قبل وقوعها، وقد ارتد من العرب في أواخر عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث فرق: بنو ملدج وكان رئيسهم ذا الخمار الأسود العنسي، تنبأ باليمن واستولى على بلاده ثم قتله فيروز الديلمي ليلة قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم من غدها وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة فسر المسلمون وأتى الخبر في أواخر ربيع الأول. وبنو حنيفة أصحاب مسيلمة تنبأ وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد فإن الأرض نصفها لي ونصفها لك، فأجاب من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مسيلمة الكذاب أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين، فحاربه أبو بكر رضي الله تعالى عنه بجند من المسلمين وقتله وحشي قاتل حمزة. وبنو أسد قوم طليحة بن خويلد تنبأ فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خالداً فهرب بعد القتال إلى الشام ثم أسلم وحسن إسلامه. وفي عهد أبي بكر رضي الله عنه سبع فزارة قوم غيبنة بن حصن، وغطفان قوم قرة بن سلمة القشيري وبنو سليم قوم الفجاءة بن عبد يا ليل، وبنو يربوع قوم مالك بن نويرة، وبعض تميم قوم سجاح بنت المنذر المتنبئة زوجة مسيلمة، وكندة قوم الأشعث بن قيس، وبنو بكر بن وائل بالبحرين قوم الحطم بن زيد وكفى الله أمرهم على يده، وفي إمرة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه غسان قوم جبلة بن الأيهم تنصر وسار إلى الشام. { فَسَوْفَ يَأْتِى ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } قيل هم أهل اليمن لما روي " أنه عليه الصلاة والسلام أشار إلى أبي موسى الأشعري وقال: هم قوم هذا " وقيل الفرس " لأنه عليه الصلاة والسلام سُئل عنهم فضرب يده على عاتق سلمان وقال: هذا وذووه ". وقيل الذين جاهدوا يوم القادسية ألفان من النخع وخمسة آلاف من كندة وبجيله، وثلاثة آلاف من أفناء الناس. والراجع إلى من محذوف تقديره فسوف يأتي الله بقوم مكانهم ومحبة الله تعالى للعباد إرادة الهدى والتوفيق لهم في الدنيا وحسن الثواب في الآخرة، ومحبة العباد له إرادة طاعته والتحرز عن معاصيه. { أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } عاطفين عليهم متذللين لهم، جمع ذليل لا ذلول فإن جمعه ذلل، واستعماله مع على إما لتضمنه معنى العطف والحنو أو للتنبيه على أنهم مع علو طبقتهم وفضلهم على المؤمنين خاضعون لهم أو للمقابلة.

السابقالتالي
2