الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } * { مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَآ أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ } * { وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }

مكية وآيها أربع أو خمس وثلاثون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ حـم تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِٱلْحَقّ } إلا خلقاً ملتبساً بالحق وهو ما تقتضيه الحكمة والمعدلة، وفيه دلالة على وجود الصانع الحكيم، والبعث للمجازاة على ما قررناه مراراً. { وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } وبتقدير أجل مسمى ينتهي إليه الكل وهو يوم القيامة، أو كل واحد وهو آخر مدة بقائه المقدرة له. { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّا أُنذِرُواْ } من هول ذلك الوقت، ويجوز أن تكون «ما» مصدرية. { مُّعْرِضُونَ } لا يتفكرون فيه ولا يستعدون لحلوله.

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ } أي أخبروني عن حال آلهتكم بعد تأمل فيها، هل يعقل أن يكون لها في أنفسها مدخل في خلق شيء من أجزاء العالم فتستحق به العبادة. وتخصيص الشرك بالسموات احتراز عما يتوهم أن للوسائط شركة في إيجاد الحوادث السفلية. { ٱئْتُونِى بِكِتَـٰبٍ مّن قَبْلِ هَـٰذَا } من قبل هذا الكتاب يعني القرآن فإنه ناطق بالتوحيد. { أَوْ أَثَـٰرَةٍ مّنْ عِلْمٍ } أو بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين هل فيها ما يدل على استحقاقهم للعبادة أو الأمر به. { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } في دعواكم، وهو إلزام بعدم ما يدل على ألوهيتهم بوجه ما نقلاً بعد إلزامهم بعدم ما يقتضيها عقلاً، وقرىء «إثارة» بالكسر أي مناظرة فإن المناظرة تثير المعاني، و «أثرة» أي شيء أوثرتم به وأثرة بالحركات الثلاث في الهمزة وسكون الثاء فالمفتوحة للمرة من مصدر أثر الحديث إذا رواه والمكسورة بمعنى الأثرة والمضمومة اسم ما يؤثر.

{ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ } إنكار أن يكون أحد أضل من المشركين حيث تركوا عبادة السميع البصير المجيب القادر الخبير إلى عبادة من لا يستجيب لهم لو سمع دعاءهم، فضلاً أن يعلم سرائرهم ويراعي مصالحهم. { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } ما دامت الدنيا. { وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَـٰفِلُونَ } لأنهم إما جمادات وإما عباد مسخرون مشتغلون بأحوالهم.

{ وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَاءً } يضرونهم ولا ينفعونهم. { وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَـٰفِرِينَ } مكذبين بلسان الحال أو المقال. وقيل الضمير للعابدين وهو كقوله تعالى:وَٱللَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23] { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُنَا بَيّنَاتٍ } واضحات أو مبينات. { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقّ } لأجله وفي شأنه، والمراد به الآيات ووضعه موضع ضميرها ووضع { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } موضع ضمير المتلو عليهم للتسجيل عليها بالحق وعليهم بالكفر والانهماك في الضلالة. { لَمَّا جَاءهُمْ } حينما جاءهم من غير نظر وتأمل. { هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } ظاهر بطلانه.

{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } إضراب عن ذكر تسميتهم إياه سحراً إلى ذكر ما هو أشنع منه وإنكار له وتعجيب.

السابقالتالي
2