{ فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرْبَاناً ءالِهَةَ } فهلا منعتهم من الهلاك آلهتهم الذين يتقربون بهم إلى الله تعالى حيث قالوا: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وأول مفعولي { ٱتَّخَذُواْ } الراجع إلى الموصول محذوف، وثانيهما { قُرْبَاناً } و { ءالِهَةً } بدل أو عطف بيان، أو { ءالِهَةً } و { قُرْبَاناً } حال أو مفعول له على أنه بمعنى التقرب. وقرىء « قُربَاناً» بضم الراء. { بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ } غابوا عن نصرهم وامتنع أن يستمدوا بهم امتناع الاستمداد بالضال. { وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ } وذلك الاتخاذ الذي هذا أثره صرفهم عن الحق، وقرىء«إِفْكِهِمْ» بالتشديد للمبالغة، و «آفكهم» أي جعلهم آفكين و «آفكهم» أي قولهم الآفك أي ذو الإِفك. { وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }. { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ ٱلْجِنّ } أملناهم إليك والنفر دون العشرة وجمعه أنفار. { يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْءانَ } حَال محمولة على المعنى. { فَلَمَّا حَضَرُوهُ } أي القرآن أو الرسول. { قَالُواْ أَنصِتُواْ } قالُوا بعضهم لبعض اسكتوا لنسمعه. { فَلَمَّا قُضِىَ } أتم وفرغ من قراءته، وقرىء على بناء الفاعل وهو ضمير الرسول عليه الصلاة والسلام. { وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } أي منذرين إياهم بما سمعوا. روي أنهم وافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي النخلة عند منصرفه من الطائف يقرأ في تهجده. { قَالُواْ يَا قَوْمُنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَـٰباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ } قيل إنما قالوا ذلك لأنهم كانوا يهودا أو ما سمعوا بأمر عيسى عليه الصلاة والسلام. { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى ٱلْحَقّ } من العقائد. { وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } من الشرائع. { يٰقَوْمَنَا أَجِيبُواْ دَاعِىَ ٱللَّهِ وَءامِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّنْ ذُنُوبِكُمْ } بعض ذنوبكم، وهو ما يكون في خالص حق الله فإن المظالم لا تغفر بالإِيمان. { وَيُجِرْكُمْ مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } هو معد للكفار، واحتج أبو حنيفة رضي الله عنه باقتصارهم على المغفرة والإِجارة على أن لا ثواب لهم، والأظهر أنهم في توابع التكليف كبني آدم. { وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِىَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِى ٱلأَرْضَ } إذ لا ينجي منه مهرب. { وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ } يمنعونه منه. { أُوْلَـئِكَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } حيث أعرضوا عن إجابة من هذا شأنه. { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ } ولم يتعب ولم يعجز، والمعنى أن قدرته واجبة لا تنقص ولا تنقطع بالإِيجاد أبد الأباد. { بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِىِ ٱلْمَوْتَىٰ } أي قادر، ويدل عليه قراءة يعقوب «يقدر»، والباء مزيدة لتأكيد النفي فإنه مشتمل على { أن } وما في حيزها ولذلك أجاب عنه بقوله: { بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْءٍ قَدِيرٍ } تقرير للقدرة على وجه عام يكون كالبرهان على المقصود، كأنه صَدَّرَ السورة بتحقيق المبدأ أراد ختمها بإثبات المعاد.