الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَٱسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ } * { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَـٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَٰلُهُ ثَلٰثُونَ شَهْراً حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحاً تَرْضَٰهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ }

{ قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } أي القرآن. { وَكَفَرْتُمْ بِهِ } وقد كفرتم به، ويجوز أن تكون الواو عاطفة على الشرط وكذا الواو في قوله: { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إِسْرٰءيلَ } إلا أنها تعطفه بما عطف عليه على جملة ما قبله، والشاهد هو عبد الله بن سلام وقيل موسى عليه الصلاة والسلام وشهادته ما في التوراة من نعت الرسول عليه الصلاة والسلام. { عَلَىٰ مِثْلِهِ } مثل القرآن وهو ما في التوراة من المعاني المصدقة للقرآن المطابقة له، أو مثل ذلك وهو كونه من عند الله. { فَـئَامَنَ } أي بالقرآن لما رآه من جنس الوحي مطابقاً للحق. { وَٱسْتَكْبَرْتُمْ } عن الإِيمان. { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } استئناف مشعر بأن كفرهم به لضلالهم المسبب عن ظلمهم، ودليل على الجواب المحذوف مثل ألستم ظالمين.

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ } لأجلهم. { لَّوْ كَانَ } الإِيمان أو ما أتى به محمد عليه الصلاة والسلام. { خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ } وهم سقاط إذ عامتهم فقراء وموال ورعاة، وإنما قاله قريش وقيل بنو عامر وغطفان وأسد وأشجع لما أسلم جهينة ومزينة وأسلم وغفار، أو اليهود حين أسلم عبد الله بن سلام وأصحابه. { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ } ظرف لمحذوف مثل ظهر عنادهم وقوله: { فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ } مسبب عنه وهو كقولهم: أساطير الأولين. { وَمِن قَبْلِهِ } وَمَن قَبل القرآن وهو خبر لقوله: { كِتَابُ مُوسَىٰ } ناصب لقوله: { إَمَامًا وَرَحْمَةً } على الحال. { وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ مُّصَدّقٌ } لكتاب موسى أو لما بين يديه وقد قرىء به. { لّسَاناً عَرَبِيّاً } حال من ضمير { كِتَابٌ } في { مُّصَدّقُ } أو منه لتخصصه بالصفة، وعاملها معنى الإِشارة وفائدتها الإِشعار بالدلالة على أن كونه مصدقاً للتوراة كما دل على أنه حق دل على أنه وحي وتوقيف من الله سبحانه وتعالى. وقيل مفعول { مُّصَدّقُ } أي يصدق ذا لسان عربي بإعجازه. { لّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } علة { مُّصَدّقُ } ، وفيه ضمير الكتاب أو الله أو الرسول، ويؤيد الأخير قراءة نافع وابن عامر والبزي بخلاف عنه ويعقوب بالتاء { وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ } عطف على محله.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ } جَمعوا بين التوحيد الذي هو خلاصة العلم والإِستقامة في الأمور التي هي منتهى العمل، وثم للدلالة على تأخر رتبة العمل وتوقف اعتباره على التوحيد. { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } من لحوق مكروه. { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } على فوات محبوب، والفاء لتضمن الاسم معنى الشرط.

{ أُوْلَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } من اكتساب الفضائل العلمية والعملية، وخالدين حال من المستكن في أصحاب وجزاء مصدر لفعل دل عليه الكلام أي جوزوا جزاء.

السابقالتالي
2