الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } * { إِنَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لأيَٰتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ } * { وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } * { وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَآ أَنَزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَّن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { تِلْكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ ٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِ يُؤْمِنُونَ } * { وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } * { يَسْمَعُ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءَايَٰتِنَا شَيْئاً ٱتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { مِّن وَرَآئِهِمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ شَيْئاً وَلاَ مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { هَـٰذَا هُدًى وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَٰتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

بسم الله الرحمن الرحيم { حـم تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } إن جعلت { حـم } مبتدأ خبره { تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } احتجت إلى إضمار مثل ذلك { تَنزِيلُ } { حـم } ، وإن جعلتها تعديداً للحروف كان { تَنزِيلُ } مبتدأ خبره: { مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } وقيل { حـم } مقسم به و { تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } صفته وجواب القسم:

{ إِنَّ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ لأَيَـٰتٍ لّلْمُؤْمِنِينَ } وهو يحتمل أن يكون على ظاهره وأن يكون المعنى إن في خلق السمٰوات لقوله:

{ وَفِى خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ } وَلاَ يحسن عطف ما على الضمير المجرور بل عطفه على المضاف إليه بأحد الاحتمالين، فإن بثه وتنوعه واستجماعه لما به يتم معاشه إلى غير ذلك دلائل على وجود الصانع المختار. { ءَايَاتٍ لِقَوْمٍ يُوقنُونَ } محمول على محل إن واسمها، وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب بالنصب حملاً على الاسم.

{ وَٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَا أَنَزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَّن رِزْقٍ } من مطر وسماه رزقاً لأنه سببه. { فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } يبسها. { وَتَصْرِيفِ ٱلرّيَاحِ } باختلاف جهاتها وأحوالها، وقرأ حمزة والكسائي «وتصريف الريح». { آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } فيه القراءتان ويلزمهما العطف على عاملين في والابتداء، أو أن إلا أن يضمر في أو ينصب { آيات } على الاختصاص أو يرفع بإضمار هي، ولعل اختلاف الفواصل الثلاث لاختلاف الآيات في الدقة والظهور.

{ تِلْكَ آيَـٰتُ ٱللَّهِ } أي تلك الآيات دلائله { نَتْلُوهَا عَلَيْكَ } حال عاملها معنى الإِشارة. { بِٱلْحَقّ } ملتبسين به أو ملتبسة به. { فَبِأَىِّ حَدِيثٍ بَعْدَ الله وَآيَاتِهِ تُؤمِنُونَ } أي بعد { آيات اللهِ } ، وتقديم اسم { ٱللَّهِ } للمبالغة والتعظيم كما في قولك أعجبني زيد وكرمه أو بعد حديث { ٱللَّهِ } وهو[في] القرآن كقوله تعالى:ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ } [الزمر: 23] و { ءايَـٰتُهُ } دلائله المتلوة أو القرآن، والعطف لتغاير الوصفين. وقرأ الحجازيان وحفص وأبو عمرو وروح { يُؤْمِنُونَ } بالياء ليوافق ما قبله.

{ وَيْلٌ لّكُلّ أَفَّاكٍ } كذاب. { أَثِيمٍ } كثير الآثام.

{ يَسْمَعُ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ } يقيم على كفره. { مُسْتَكْبِراً } عن الإِيمان بالآيات و { ثُمَّ } لاستبعاد الإِصرار بعد سماع الآيات كقوله:
يَرَى غَمَرات ثُمَّ يَزُورهَا   
{ كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا } أي كأنه فخففت وحذف ضمير الشأن والجملة في موضع الحال، أي يصر مثل غير السامع. { فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } على إصراره والبشارة على الأصل أو التهكم.

{ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءايَـٰتِنَا شَيْئاً } وإذا بَلغه شيء من { ءايَـٰتِنَا } وعلم أنه منها. { ٱتَّخَذَهَا هُزُواً } لذلك من غير أن يرى فيها ما يناسب الهزء، والضمير لـ { ءايَـٰتِنَا } وفائدته الإِشعار بأنه إذا سمع كلاماً وعلم أنه من الآيات بادر إلى الاستهزاء بالآيات كلها ولم يقتصر على ما سمعه، أو لشيء لأنه بمعنى الآية. { أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ }.

السابقالتالي
2