الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ } * { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } * { إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ } * { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ } * { كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } * { يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ } * { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { فَٱرْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ }

{ ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ } كان أصله يصب من فوق رؤوسهم الحميم فقيل يصب من { فَوْقَ } رؤوسهم { عَذَابِ } هو { ٱلْحَمِيمُ } للمبالغة، ثم أضيف الـ { عَذَابِ } إلى { ٱلْحَمِيمُ } للتخفيف وزيد من الدلالة على أن المصبوب بعض هذا النوع.

{ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } أي وقولوا له ذلك استهزاء به وتفريعاً على ما كان يزعمه، وقرأ الكسائي «أنك» بالفتح أي ذق لأنك أو { عَذَابِ } { إِنَّكَ }.

{ إِنَّ هَذَا } إن هذا الـ { عَذَابِ }. { مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } تشكون وتمارون فيه.

{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى مَقَامٍ } في موضع إقامة، وقرأ نافع وابن عامر بضم الميم { أَمِين } يأمن صاحبه عن الآفة والانتقال.

{ فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ } بدل من مقام جيء به للدلالة على نزاهته، واشتماله على ما يستلذ به من المآكل والمشارب.

{ يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ } خبر ثان أو حال من الضمير في الجار أو استئناف، والسندس ما رَقَّ من الحرير والاستبرق ما غلظ منه معرب استبره، أو مشتق من البراقة. { مُّتَقَـٰبِلِينَ } في مجالسهم ليستأنس بعضهم ببعض. { كَذٰلِكَ } الأمر كذلك أو آتيناهم مثل ذلك. { وَزَوَّجْنَـٰهُم بِحُورٍ عِينٍ } قرناهم بهن ولذلك عدي بالباء، والحوراء البيضاء والعيناء عظيمة العينين، واختلف في أنهن نساء الدنيا أو غيرها.

{ يَدْعُونَ فِيهَا بِكلّ فَـٰكِهَةٍ } يطلبون ويأمرون بإحضار ما يشتهون من الفواكه لا يتخصص شيء منها بمكان ولا بزمان. { ءامِنِينَ } من الضرر.

{ لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ } بل يحيون فيها دائماً، والاستثناء منقطع أو متصل والضمير للآخرة و { ٱلْمَوْتُ } أول أحوالها، أو الجنة والمؤمن يشارفها بالموت ويشاهدها عنده فكأنه فيها، أو الإِستثناء للمبالغة في تعميم النفي وامتناع { ٱلْمَوْتُ } فكأنه قال: { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ } إلا إذا أمكن ذوق الموتة الأولى في المستقبل. { وَوَقَـٰهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } وقرىء «وَوَقَـٰهُمْ» على المبالغة.

{ فَضْلاً مّن رَّبّكَ } أي أعطوا كل ذلك عطاء وتفضلاً منه. وقرىء بالرفع أي ذلك فضل. { ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } لأنه خلاص عن المكاره وفوز بالمطالب.

{ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَـٰهُ بِلَسَانِكَ } سهلناه حيث أنزلناه بلغتك وهو فذلكة السورة. { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } لعلهم يفهمونه فيتذكرون به ما لم يتذكروا.

{ فَٱرْتَقِبْ } فانتظر ما يحل بهم. { إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ } منتظرون ما يحل بك. عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ حم الدخان ليلة جمعة أصبح مغفوراً له ".