الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } * { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } * { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } * { يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ } * { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ } * { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } * { لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } * { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ }

{ وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } عن المتابعة. { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } ثابت عداوته بأن أخرجكم عن الجنة وعرضكم للبلية.

{ وَلَمَّا جَاءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيّنَـٰتِ } بالمعجزات أو بآيات الإِنجيل، أو بالشرائع الواضحات. { قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ } بالإِنجيل أو بالشريعة. { وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } وهو ما يكون من أمر الدين لا ما يتعلق بأمر الدنيا، فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يبعثوا لبيانه، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام " أنتم أعلم بأمر دنياكم " { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } فيما أبلغه عنه.

{ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبّى وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ } بيان لما أمرهم بالطاعة فيه، وهو اعتقاد التوحيد والتعبد بالشرائع. { هَـٰذَا صِرٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ } الإِشارة إلى مجموع الأمرين وهو تتمة كلام عيسى عليه الصلاة والسلام، أو استئناف من الله تعالى يدل على ما هو المقتضي للطاعة في ذلك.

{ فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ } الفرق المتحزبة. { مِن بَيْنِهِمْ } من بين النصارى أو اليهود والنصارى من بين قومه المبعوث إليهم. { فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ ظَلَمُواْ } من المتحزبين { مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } هو القيامة.

{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ } الضمير لقريش أو { لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ }. { أَن تَأْتِيهُمُ } بدل من { ٱلسَّاعَةَ } والمعنى هل ينظرون إلا إتيان الساعة. { بَغْتَةً } فجأة. { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } غَافِلُونَ عنها لاشتغالهم بأمور الدنيا وإنكارهم لها.

{ ٱلأَخِلاء } الأحباء. { يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } أي يتعادون يومئذ لانقطاع العلق لظهور ما كانوا يتخالون له سبباً للعذاب. { إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } فإن خلتهم لما كانت في الله تبقى نافعة أبد الآباد.

{ يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } حكاية لما ينادي به المتقون المتحابون في الله يومئذ، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص بغير الياء.

{ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِـئَايَـٰتِنَا } صفة المنادي. { وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ } حال من الواو أي الذين آمنوا مخلصين، غير أن هذه العبارة آكد وأبلغ.

{ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوٰجُكُمْ } نساؤكم المؤمنات. { تُحْبَرُونَ } تسرون سروراً يظهر حباره أي أثره على وجوهكم، أو تزينون من الحبر وهو حسن الهيئة أو تكرمون إكراماً يبالغ فيه، والحبرة المبالغة فيما وصف بجميل.

{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَـٰفٍ مّن ذَهَبٍ وَأَكْوٰبٍ } الصحاف جمع صحفة، والأكواب جمع كوب وهو كوز لا عروة له. { وَفِيهَا } وفي الجنة { مَا تَشْتَهِى ٱلأنفُسُ } وقرأ نافع وابن عامر وحفص { تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ } على الأصل. { وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ } بمشاهدته وذلك تعميم بعد تخصيص ما يعد من الزوائد في التنعم والتلذذ. { وَأَنتُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } فإن كل نعيم زائل موجب لكلفة الحفظ وخوف الزوال ومستعقب للتحسر في ثاني الحال.

{ وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } وقرأ ورثتموها، شبه جزاء العمل بالميراث لأنه يخلفه عليه العامل، وتلك إشارة إلى الجنة المذكورة وقعت مبتدأ والجنة خبرها، و { ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا } صفتها أو { ٱلْجَنَّةِ } صفة { تِلْكَ } و { ٱلَّتِى } خبرها أو صفة { ٱلْجَنَّةِ } والخبر { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } ، وعليه يتعلق الباء بمحذوف لا بـ { أُورِثْتُمُوهَا }.

السابقالتالي
2