الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } * { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تَرَى ٱلظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ ٱلْجَنَّاتِ لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } * { ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ وَيُحِقُّ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } * { وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَٱلْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } * { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ ٱلْوَلِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ } * { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ }

{ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلأَخِرَةِ } ثوابها شبهه بالزرع من حيث أنه فائدة تحصل بعمل ولذلك قيل: الدنيا مزرعة الآخرة، والحرث في الأصل إلقاء البذر في الأرض ويقال للزرع الحاصل منه. { نَزِدْ لَهُ فِى حَرْثِهِ } فنعطه بالواحد عشراً إلى سبعمائة فما فوقها. { وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا } شيئاً منها على ما قسمنا له. { وَمَا لَهُ فِى ٱلأَخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } إذ الأعمال بالنيات ولكل امرىء ما نوى.

{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ } بل ألهم شركاء، والهمزة للتقرير والتقريع وشركاؤهم شياطينهم. { شَرَعُواْ لَهُمْ } بالتزيين. { مّنَ ٱلدّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ } كالشرك وإنكار البعث والعمل للدنيا. وقيل شركاؤهم أوثانهم وإضافتها إليهم لأنهم متخذوها شركاء، وإسناد الشرع إليها لأنها سبب ضلالتهم وافتتانهم بما تدينوا به، أو صور من سنة لهم. { وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ } أي القضاء السابق بتأجيل الجزاء، أو العدة بأن الفصل يكون يوم القيامة. { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } بين الكافرين والمؤمنين، أو المشركين وشركائهم. { وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وقرىء «أن» بالفتح عطفاً على كلمة { ٱلْفَصْلِ } أي { وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ } وتقدير عذاب الظالمين في الآخرة لقضي بينهم في الدنيا، فإن العذاب الأليم غالب في عذاب الآخرة.

{ تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ } في القيامة. { مُشْفِقِينَ } خائفين. { مِمَّا كَسَبُواْ } من السيئات. { وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ } أي وباله لاحق بهم أشفقوا أو لم يشفقوا. { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فِى رَوْضَـٰتِ ٱلْجَنَّـٰتِ } في أطيب بقاعها وأنزهها. { لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبّهِمْ } أي ما يشتهونه ثابت لهم عند ربهم. { ذٰلِكَ } إشارة إلى المؤمنين. { هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } الذي يصغر دونه ما لغيرهم في الدنيا.

{ ذَلِكَ ٱلَّذِى يُبَشّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } ذلك الثواب الذي يبشرهم الله به فحذف الجار ثم العائد، أو ذلك التبشير الذي يبشره الله عباده. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي « يُبَشّرُ» من بشره وقرىء «يُبَشّرُ» من أبشره. { قُل لاَّ أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ } على ما أتعاطاه من التبليغ والبشارة. { أَجْراً } نفعاً منكم. { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ } أي تودوني لقرابتي منكم، أو تودوا قرابتي، وقيل الاستثناء منقطع والمعنى: لا أسألكم أجراً قط ولكني أسألكم المودة، و { فِى ٱلْقُرْبَىٰ } حال منها أي { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ } ثابتة في ذوي { ٱلْقُرْبَىٰ } متمكنة في أهلها، أو في حق القرابة ومن أجلها كما جاء في الحديث " الحب في الله والبغض في الله " روي: أنها لما نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودتهم علينا قال:

السابقالتالي
2 3