الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } * { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَٱعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } * { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ وَٱسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ } * { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } * { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } * { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ }

مكية وآيها ثلاث أو أربع وخمسون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ حَـمَ } إن جعلته مبتدأ فخبره.

{ تَنزِيلٌ مّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } وإن جعلته تعديداً للحروف فـ { تَنزِيلَ } خبر محذوف أو مبتدأ لتخصصه بالصفة وخبره:

{ كِتَابٌ } وهو على الأولين بدل منه أو خبر آخر أو خبر محذوف، ولعل افتتاح هذه السور السبع بـ { حـم } وتسميتها به لكونها مصدرة ببيان الكتاب متشاكلة في النظم والمعنى، وإضافة الـ { تَنزِيلَ } إلى { ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } للدلالة على أنه مناط المصالح الدينية والدنيوية. { فُصّلَتْ ءايَـٰتُهُ } ميزت باعتبار اللفظ والمعنى. وقرىء { فُصّلَتْ } أي فصل بعضها من بعض باختلاف الفواصل والمعاني، أو فصلت بين الحق والباطل. { قُرْءاناً عَرَبِيّاً } نصب على المدح أو الحال من { فُصّلَتْ } ، وفيه امتنان بسهولة قراءاته وفهمه. { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أي لقوم يعلمون العربية أو لأهل العلم والنظر، وهو صفة أخرى لـ { قُرْءاناً } أو صلة لـ { تَنزِيلَ } ، أو لـ { فُصّلَتْ } ، والأول أولى لوقوعه بين الصفات.

{ بَشِيراً وَنَذِيراً } للعاملين به والمخالفين له، وقرئا بالرفع على الصفة للـ { كِتَابٌ } أو الخبر لمحذوف. { فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ } عن تدبره وقبوله. { فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } سماع تأمل وطاعة.

{ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِى أَكِنَّةٍ } أغطية جمع كنان. { مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِى ءَاذانِنَا وَقْرٌ } صمم، وأصله الثقل، وقرىء بالكسر. { وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } يمنعنا عن التواصل، ومن للدلالة على أن الحجاب مبتدأ منهم ومنه بحيث استوعب المسافة المتوسطة ولم يبق فراغ. وهذه تمثيلات لنبو قلوبهم عن إدراك ما يدعوهم إليه واعتقادهم ومج أسماعهم له، وامتناع مواصلتهم وموافقتهم للرسول صلى الله عليه وسلم. { فَٱعْمَلْ } على دينك أو في إبطال أمرنا. { إِنَّنَا عَـٰمِلُونَ } على ديننا أو في إبطال أمرك.

{ قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَىَّ أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } لست ملكاً ولا جنياً لا يمكنكم التلقي منه، ولا أدعوكم إلى ما تنبو عنه العقول والاسماع، وإنما أدعوكم إلى التوحيد والاستقامة في العمل، وقد يدل عليهما دلائل العقل وشواهد النقل. { فَٱسْتَقِيمُواْ إِلَيْهِ } فاستقيموا في أفعالكم متوجهين إليه، أو فاستووا إليه بالتوحيد والإِخلاص في العمل. { وَٱسْتَغْفِرُوهُ } مما أنتم عليه من سوء العقيدة والعمل، ثم هددهم على ذلك فقال: { وَوَيْلٌ لّلْمُشْرِكِينَ } من فرط جهالتهم واستخفافهم بالله.

{ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ } لبخلهم وعدم اشفاقهم على الخلق، وذلك من أعظم الرذائل، وفيه دليل على أن الكفار مخاطبون بالفروع. وقيل معناه لا يفعلون ما يزكي أنفسهم وهو الإِيمان والطاعة. { وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَـٰفِرُونَ } حال مشعرة بأن امتناعهم عن الزكاة لاستغراقهم في طلب الدنيا وإنكارهم للآخرة.

السابقالتالي
2