الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } * { فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِيۤ آمِناً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ } * { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } * { مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ } * { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ }

{ وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ } نخس شبه به وسوسته لأنها تبعث الإِنسان على ما لا ينبغي كالدفع بما هو أسوأ، وجعل النزغ نازغاً على طريقة جديدة، أو أريد به نازغ وصفاً للشيطان بالمصدر. { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } من شره ولا تطعه. { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } لاستعاذتك. { ٱلْعَلِيمُ } بنيتك أو بصلاحك.

{ وَمِنْ ءايَـٰتِهِ ٱلَّيْلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ } لأنهما مخلوقان مأموران مثلكم. { وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِى خَلَقَهُنَّ } الضمير للأربعة المذكورة، والمقصود تعليق الفعل بهما إشعاراً بأنهما من عداد ما لا يعلم ولا يختار. { إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } فإن السجود أخص العبادات وهو موضع السجود عندنا لاقتران الأمر به، وعند أبي حنيفة آخر الآية الأخرى لأنه تمام المعنى.

{ فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ } عن الامتثال. { فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبّكَ } من الملائكة. { يُسَبّحُونَ لَهُ بِٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } أي دائماً لقوله: { وَهُمْ لاَ يَسْـئَمُونَ } أي لا يملون.

{ وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَـٰشِعَةً } يابسة متطامنة مستعار من الخشوع بمعنى التذلل. { فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَاءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ } تزخرفت وانتفخت بالنبات، وقرىء «ربأت» أي زادت. { إِنَّ ٱلَّذِى أَحْيَـٰهَا } بعد موتها. { لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } من الإِحياء والإِماتة.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ } يميلون عن الاستقامة. { فِي ءَايَاتِنَا } بالطعن والتحريف والتأويل الباطل والإِلغاء فيها. { لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا } فنجازيهم على إلحادهم. { أَفَمَن يُلْقَى فِى النَّارِ خَيْرٌ أَم مَن يَأَتِي آمِناً يَوْمَ القِيَامَةِ } قابل الإِلقاء في النار بالإِتيان آمناً مبالغة في إحماد حال المؤمنين. { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ } تهديد شديد. { إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } وعيد بالمجازاة.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ } بدل من قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِى ءَايَـٰتِنَا } أو مستأنف وخبر { إِن } محذوف مثل معاندون أو هالكون، أو { أُوْلَـئِكَ يُنَادَوْنَ } و «الذكر» القرآن. { وَإِنَّهُ لَكِتَـٰبٌ عَزِيزٌ } كثير النفع عديم النظير أو منيع لا يتأتى إبطاله وتحريفه.

{ لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَـٰطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } لا يتطرق إليه الباطل من جهة من الجهات أو مما فيه من الأخبار الماضية والأمور الآتية. { تَنزِيلٌ مّنْ حَكِيمٍ } أي حكيم. { حَمِيدٍ } يحمده كل مخلوق بما ظهر عليه من نعمه.

{ مَّا يُقَالُ لَكَ } أي ما يقول لك كفار قومك. { إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ } إلا مثل ما قال لهم كفار قومهم، ويجوز أن يكون المعنى ما يقول الله لك إلا مثل ما قال لهم. { إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةَ } لأنبيائه. { وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ } لأعدائهم، وهو على الثاني يحتمل أن يكون المقول بمعنى أن حاصل ما أوحي إليك وإليهم، وعد المؤمنين بالمغفرة والكافرين بالعقوبة.

السابقالتالي
2