{ وَذَلِكُمْ } إشارة إلى ظنهم هذا، وهو مبتدأ وقوله: { ظَنُّكُمْ ٱلَّذِى ظَنَنتُمْ بِرَبّكُمْ أَرْدَاكُمْ } خبران له ويجوز أن يكون { ظَنُّكُمُ } بدلاً و { أَرْدَاكُمْ } خبراً. { فَأَصْبَحْتُمْ مّنَ ٱلُخَـٰسِرِينَ } إذ صار ما منحوا للاستسعاد به في الدارين سبباً لشقاء المنزلين. { فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } لا خلاص لهم عنها. { وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ } يسألوا العتبى وهي الرجوع إلى ما يحبون. { فَمَا هُم مّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } المجابين إليها ونظيره قوله تعالى حكاية { أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } وقرىء { وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } ، أي إن يسألوا أن يرضوا ربهم فما هم فاعلون لفوات المكنة. { وَقَيَّضْنَا } وقدرنا. { لَهُمْ } للكفرة. { قُرَنَاءَ } أخدانا من الشياطين يستولون عليهم استيلاء القبض على البيض وهو القشر. وقيل أصل القيض البدل ومنه المقايضة لمعاوضة. { فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } من أمر الدنيا واتباع الشهوات. { وَمَا خَلْفَهُمْ } مِنْ أمر الآخرة وإنكاره. { وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } أي كلمة العذاب. { فِى أُمَمٍ } في جملة أمم كقول الشاعر:
إِنْ تَكُ عَنْ أَحْسَنِ الصَّنِيعَةِ مَأ
فُوكاً فِفِي آخَرِينَ قَدْ أُفِكُوا
وهو حال من الضمير المجرور. { وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مّنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنْسِ } وقد عملوا مثل أعمالهم. { إِنَّهُمْ كَانُواْ خَـٰسِرِينَ } تعليل لاستحقاقهم العذاب، والضمير { لَهُمْ } وللـ { أُمَمٌ }. { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ } وعارضوه بالخرافات أو ارفعوا أصواتكم بها لتشوشوه على القارىء، وقرىء بضم الغين والمعنى واحد يقال لغى يلغي ولغا يلغو إذا هذى. { لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } أي تغلبونه على قراءته. { فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً } المراد بهم هؤلاء القائلون، أو عامة الكفار. { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ } سيئات أعمالهم وقد سبق مثله. { ذٰلِكَ }: إشارة إلى الأسوأ. { جَزَاءُ أَعْدَاءِ ٱللَّهِ } خبره. { ٱلنَّارُ } عطف بيان للـ { جَزَاء } أو خبر محذوف. { لَّهُمْ فِيهَا } في النار. { دَارُ الخُلْدِ } فإنها دار إقامتهم، وهو كقولك: في هذه الدار دار سرور، وتعني بالدار عينها على أن المقصود هو الصفة. { جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِئَايَٰتِنَا يَجْحَدُونَ } ينكرون الحق أو يلغون، وذكر الجحود الذي هو سبب اللغو. { وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَا أَرِنَا ٱللَّذَيْنَ أَضَلَّـٰنَا مِنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنسِ } يعني شيطاني النوعين الحاملين على الضلالة والعصيان. وقيل هما إبليس وقابيل فإنهما سنا الكفر والقتل، وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب وأبو بكر والسوسي { أَرِنَا } بالتخفيف كفخذ في فخذ، وقرأ الدوري باختلاس كسرة الراء. { نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا } ندوسهما انتقاماً منهما، وقيل نجعلهما في الدرك الأسفل. { لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } مكاناً أو ذلاً. { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ } اعترافاً بربوبيته وإقراراً بوحدانيته.