الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } * { قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } * { وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } * { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ } * { إِلاَّ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَامِلُونَ } * { أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ } * { إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ } * { إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } * { طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ } * { فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } * { ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ } * { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ٱلْجَحِيمِ } * { إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءَهُمْ ضَآلِّينَ } * { فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ } * { وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ } * { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنذَرِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ } * { وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِينَ } * { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ } * { سَلاَمٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي ٱلْعَالَمِينَ }

{ فَأَطَّلِعَ } عليهم. { فَرَءاهُ } أي قرينه. { فِى سَوَاء ٱلْجَحِيمِ } وسطه.

{ قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } لتهلكني بالإِغواء، وقرىء «لتغوين» و { إِن } هي المخففة واللام هي الفارقة.

{ وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبّي } بالهداية والعصمة. { لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } معك فيها.

{ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ } عطف على محذوف أي أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين، أي بمن شأنه الموت وقرىء «بمائتين».

{ إِلأ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ } التي كانت في الدنيا وهي متناولة لما في القبر بعد الإِحياء للسؤال، ونصبها على المصدر من اسم الفاعل. وقيل على الاستثناء المنقطع. { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } كالكفار، وذلك تمام كلامه لقرينه تقريعاً له أو معاودة إلى مكالمة جلسائه تحدثاً بنعمة الله، أو تبجحاً بها وتعجباً منها وتعريضاً للقرين بالتوبيخ.

{ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } يحتمل أن يكون من كلامهم وأن يكون كلام الله سبحانه وتعالى لتقرير قوله والإِشارة إلى ما هم عليه من النعمة والخلود والأمن من العذاب.

{ لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَـٰمِلُونَ } أي لنيل مثل هذا يجب أن يعمل العاملون لا للحظوظ الدنيوية المشوبة بالآلام السريعة الانصرام، وهو أيضاً يحتمل الأمرين.

{ أَذٰلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ } شجرة ثمرها نزل أهل النار، وانتصاب { نُزُلاً } على التمييز أو الحال وفي ذكره دلالة على أن ما ذكر من النعيم لأهل الجنة بمنزلة ما يقال للنازل ولهم وراء ذلك ما تقصر عنه الأفهام، وكذلك الزقوم لأهل النار، وهو: اسم شجرة صغيرة الورق ذفر مرة تكون بتهامة سميت به الشجرة الموصوفة.

{ إِنَّا جَعَلْنَـٰهَا فِتْنَةً لّلظَّـٰلِمِينَ } محنة وعذاباً لهم في الآخرة، أو ابتلاء في الدنيا فإنهم لما سمعوا أنها في النار قالوا كيف ذلك والنار تحرق الشجر، ولم يعلموا أن من قدر على خلق حيوان يعيش في النار ويلتذ بها فهو أقدر على خلق الشجرة في النار وحفظه من الإِحراق.

{ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِى أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } منبتها في قعر جهنم وأغصانها ترتفع إلى دركاتها.

{ طَلْعِهَا } حملها مستعار من طلع التمر لمشاركته إياه في الشكل، أو الطلوع من الشجر. { كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيـٰطِينِ } في تناهي القبح والهول، وهو تشبيه بالمتخيل كتشبيه الفائق الحسن بالملك. وقيل { ٱلشَّيـٰطِينِ } حيات هائلة قبيحة المنظر لها أعراف، ولعلها سميت بها لذلك.

{ فَإِنَّهُمْ لأكِلُونَ مِنْهَا } من الشجرة أو من طلعها. { فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } لغلبة الجوع أو الجبر على أكلها.

{ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا } أي بعد ما شبعوا منها وغلبهم العطش وطال استسقاؤهم، ويجوز أن يكون ثم لما في شرابهم من مزيد الكراهة والبشاعة. { لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ } لشراباً من غساق، أو صديد مشوباً بماء حميم يقطع أمعاءهم، وقرىء بالضم وهو اسم ما يشاب به والأول مصدر سمي به.

السابقالتالي
2