الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ يسۤ } * { وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ } * { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } * { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ } * { لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } * { إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ } * { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } * { وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } * { إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ }

مكية وعنه عليه الصلاة والسلام " يس تدعى المعمة تعم

صاحبها خير الدارين

والدافعة والقاضية تدفع عنه كل سوء وتقضي له كل

حاجة " وآيها ثلاث وثمانون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ يس } في المعنى والإِعراب، وقيل معناه يا إنسان بلغة طيء، على أن أصله يا أنيسين فاقتصر على شطره لكثرة النداء به كما قيل (من الله) في أيمن. وقرىء بالكسر كجير وبالفتح على البناء كأين، أو الإِعراب على اتل يس أو بإضمار حرف القسم والفتحة لمنع الصرف وبالضم بناء كحيث، أو إعراباً على هذه { يس } وأمال الياء حمزة والكسائي وروح وأبو بكر وأدغم النون في واو.

{ وَٱلْقُرْءانِ ٱلْحَكِيمِ } ابن عامر والكسائي وأبو بكر وورش ويعقوب، وهي واو القسم أو العطف إن جعل { يس } مقسماً به.

{ إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } لمن الذين أرسلوا.

{ عَلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وهو التوحيد والإِستقامة في الأمور، ويجوز أن يكون { عَلَىٰ صِرٰطٍ } خبراً ثانياً أو حالاً من المستكن في الجار والمجرور، وفائدته وصف الشرع صريحاً بالاستقامة وإن دل عليه { لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } التزاماً.

{ تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } خبر محذوف والمصدر بمعنى المفعول. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص بالنصب بإضمار أعني أو فعله على أنه على أصله، وقرىء بالجر على البدل من القرآن.

{ لِتُنذِرَ قَوْماً } متعلق بـ { تَنزِيلَ } أو بمعنى { لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ }. { مَّا أُنذِرَ ءَابَاؤُهُمْ } قوماً غير منذر آباؤهم يعني آباءَهم الأقربين لتطاول مدة الفترة، فيكون صفة مبينة لشدة حاجتهم إلى إرساله، أو الذي أنذر به أو شيئاً أنذر به آباؤهم الأبعدون، فيكون مفعولاً ثانياً { لّتُنذِرَ } ، أو إنذار آبائَهم على المصدر. { فَهُمْ غَـٰفِلُونَ } متعلق بالنفي على الأول أي لم ينذروا فبقوا غافلين، أو بقوله { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } على الوجوه الأخرى أي أرسلناك إليهم لتنذرهم فإنهم غافلون.

{ لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ } يعني قوله تعالى:لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [هود: 119] { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } لأنهم ممن علم الله أنهم لا يؤمنون.

{ إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنـٰقِهِمْ أَغْلَـٰلاً } تقرير لتصميمهم على الكفر والطبع على قلوبهم بحيث لا تغني عنهم الآيات والنذر، بتمثيلهم بالذين غلت أعناقهم. { فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَـٰنِ } فالأغلال واصلة إلى أذقانهم فلا تخليهم يطأطئون رؤوسهم له. { فَهُم مُّقْمَحُونَ } رافعون رؤوسهم غاضون أبصارهم في أنهم لا يلتفتون لفت الحق ولا يعطفون أعناقهم نحوه ولا يطأطئون رؤوسهم له.

{ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَـٰهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } وبمن أحاط بهم سدان فغطى أبصارهم بحيث لا يبصرون قدامهم ووراءهم في أنهم محبوسون في مطمورة الجهالة ممنوعون عن النظر في الآيات والدلائل. وقرأ حمزة والكسائي وحفص «سَدّا» بالفتح وهو لغة فيه، وقيل ما كان بفعل الناس فبالفتح وما كان بخلق الله فبالضم.

السابقالتالي
2