الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ إِنَّا مِنَ ٱلْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }

{ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ } عذاب الدنيا يريد ما محنوا به من السنة سبع سنين والقتل والأسر. { دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلاْكْبَرِ } عذاب الآخرة. { لَعَلَّهُمْ } لعل من بقي منهم. { يَرْجِعُونَ } يتوبون عن الكفر. روي أن الوليد ابن عقبة فاخر علياً رضي الله عنه يوم بدر فنزلت هذه الآيات.

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكّرَ بِـئَايَـٰتِ رَبّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا } فلم يتفكر فيها، و { ثُمَّ } لاستبعاد الإعراض عنها مع فرض وضوحها وإرشادها إلى أسباب السعادة بعد التذكير بها عقلاً كما في بيت الحماسة.
وَلاَ يَكْشِفُ الغُمَاءَ إِلاَّ ابْن حرَّة   يَرَى غَمَرَاتِ المَوْتِ ثُمَّ يَزُورها
{ إِنَّا مِنَ ٱلْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ } فكيف ممن كان أظلم من كل ظالم.

{ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَـٰبَ } كما آتيناك. { فَلاَ تَكُن فِى مِرْيَةٍ } في شك. { مّن لّقَائِهِ } من لقائك الكتاب كقوله:إِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْءانَ } [النمل: 6] فإنا آتيناك من الكتاب مثل ما آتيناه منه فليس ذلك ببدع لم يكن قط حتى ترتاب فيه، أو من لقاء موسى للكتاب أو من لقائك موسى. وعنه عليه الصلاة والسلام " رأيت ليلة أسري بي موسى صلى الله عليه وسلم رجلاً آدم طوالاً جعداً كأنه من رجال شنوءة " { وَجَعَلْنَـٰهُ } أي المنزل على موسى. { هُدًى لّبَنِى إِسْرٰءيلَ }.

{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ } الناس إلى ما فيه من الحكم والأحكام. { بِأَمْرِنَا } إياهم به أو بتوفيقنا له. { لَمَّا صَبَرُواْ } وقرأ حمزة والكسائي ورويس «لَمَّا صَبَرُواْ» أي لصبرهم على الطاعة أو عن الدنيا. { وَكَانُواْ بِـئَايَـٰتِنَا يُوقِنُونَ } لإمعانهم فيها النظر.