الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } * { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ فَأُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } * { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } * { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ } * { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَيُحْي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوۤاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَيُحْيِي بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ }

{ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } أي المؤمنون والكافرون لقوله تعالى:

{ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَهُمْ فِى رَوْضَةٍ } أرض ذات أزهار وأنهار. { يُحْبَرُونَ } يسرون سروراً تهلك له وجوههم.

{ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا وَلِقَاء ٱلآخِرَةِ فَأُوْلَـئِكَ فِى ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } مدخلون لا يغيبون عنه.

{ فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ } إخبار في معنى الأمر بتنزيه الله تعالى والثناء عليه في هذه الأوقات التي تظهر فيها قدرته وتتجدد فيها نعمته، أو دلالة على أن ما يحدث فيها من الشواهد الناطقة بتنزهه واستحقاقه الحمد ممن له تمييز من أهل السموات والأرض، وتخصيص التسبيح بالمساء والصباح لأن آثار القدرة والعظمة فيهما أظهر، وتخصيص الحمد بالعشي الذي هو آخر النهار من عشى العين إذا نقص نورها والظهيرة التي هي وسطه لأن تجدد النعم فيهما أكثر، ويجوز أن يكون { عشياً } معطوفاً على { ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ } وقوله { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } اعتراضاً. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن الآية جامعة للصلوات الخمس { تُمْسُونَ } صلاتا المغرب والعشاء، و { تُصْبِحُونَ } صلاة الفجر، و { عشيا } صلاة العصر، و { تُظْهِرُونَ } صلاة الظهر. ولذلك زعم الحسن أنها مدنية لأنه كان يقول كان الواجب بمكة ركعتين في أي وقت اتفقتا وإنما فرضه الخمس بالمدينة، والأكثر على أنها فرضت بمكة. وعنه عليه الصلاة والسلام " من سره أن يكال له بالقفيز الأوفى فليقل فسبحان الله حين تمسون الآية " وعنه عليه الصلاة والسلام " من قال حين يصبح فسبحان الله حين تمسون إلى قوله وكذلك تخرجون أدرك ما فاته في ليلته، ومن قاله حين يمسي أدرك ما فاته في يومه " وقرىء «حيناً تمسون» و «حيناً تصبحون» أي تمسون فيه وتصبحون فيه.

{ يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ } كالإِنسان من النطفة والطائر من البيضة. { وَيُخْرِجُ ٱلْمَيّتَ مِنَ ٱلْحَىّ } كالنطفة والبيضة، أو يعقب الحياة الموت وبالعكس. { وَيُحيِي الأَرْضَ } بالنبات. { بَعْدَ مَوْتِهَا } يبسها. { وَكَذٰلِكَ } ومثل ذلك الإخراج. { تُخْرَجُونَ } من قبوركم فإنه أيضاً تعقيب الحياة الموت، وقرأ حمزة والكسائي بفتح التاء.

{ وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ } أي في أصل الإِنشاء لأنه خلق أصلهم منه. { ثُمَّ إِذَا أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } ثم فاجأتم وقت كونكم بشراً منتشرين في الأرض.

{ وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً } لأن حواء خلقت من ضلع آدم وسائر النساء خلقن من نطف الرجال، أو لأنهن من جنسهم لا من جنس آخر. { لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا } لتميلوا إليها وتألفوا بها فإن الجنسية علة للضم والاختلاف سبب للتنافر. { وَجَعَلَ بَيْنَكُم } أي بين الرجال والنساء، أو بين أفراد الجنس.

السابقالتالي
2