الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } * { وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى ٱلله تُحْشَرُونَ } * { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ } * { إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَ ٱللَّهِ كَمَن بَآءَ بِسَخَطٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }

{ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوْ مُتُّمْ } أي متم في سبيله وقرأ نافع وحمزة والكسائي بكسر الميم من مات يمات. { لَمَغْفِرَةٌ مّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ بِمَا يَجْمَعُونَ } جواب القسم وهو ساد مسد الجزاء والمعنى: إن السفر والغزو ليس مما يجلب الموت ويقدم الأجل وإن وقع ذلك في سبيل الله فما تنالون من المغفرة والرحمة بالموت خير مما تجمعون من الدنيا ومنافعها لو لم تموتوا. وقرأ حفص بالياء.

{ وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ } أي على أي وجه اتفق هلاككم. { لإِلَى ٱلله تُحْشَرُونَ } لإلى معبودكم الذي توجهتم إليه. وبذلتم مهجكم لوجهه لا إلى غيره لا محالة تحشرون، فيوفي جزاءكم ويعظم ثوابكم. وقرأ نافع وحمزة والكسائي { مُّتُّمْ } بالكسر.

{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ } أي فبرحمة، وما مزيدة للتأكيد والتنبيه والدلالة على أن لينه لهم ما كان إلا برحمة من الله وهو ربطه على جأشه وتوفيقه للرفق بهم حتى اغتم لهم بعد أن خالفوه. { وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً } سيىء الخلق جافياً. { غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ } قاسيه. { لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ } لتفرقوا عنك ولم يسكنوا إليك. { فَٱعْفُ عَنْهُمْ } فيما يختص بك. { وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ } فيما لله. { وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ } أي في أمر الحرب إذ الكلام فيه، أو فيما يصح أن يشاور فيه استظهاراً برأيهم وتطييباً لنفوسهم وتمهيداً لسنة المشاورة للأمة. { فَإِذَا عَزَمْتَ } فإذا وطنت نفسك على شيء بعد الشورى. { فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } في إمضاء أمرك على ما هو أصلح لك، فإنه لا يعلمه سواه. وقرىء { فَإِذَا عَزَمْتَ } ، على التكلم أي فإذا عزمت لك على شيء وعينته لك فتوكل على الله ولا تشاور فيه أحداً. { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكّلِينَ } فينصرهم ويهديهم إلى الصلاح.

{ إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ } كما نصركم يوم بدر. { فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ } فلا أحد يغلبكم. { وَإِن يَخْذُلْكُمْ } كما خذلكم يوم أحد. { فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مّنْ بَعْدِهِ } من بعد خذلانه، أو من بعد الله بمعنى إذا جاوزتموه فلا ناصر لكم، وهذا تنبيه على المقتضى للتوكل وتحريض على ما يستحق به النصر من الله وتحذير عما يستجلب خذلانه. { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } فليخصوه بالتوكل عليه لما علموا أن لا ناصر لهم سواه وآمنوا به.

{ وَمَا كَانَ لِنَبِيّ أَنْ يَغُلَّ } وما صح لنبي أن يخون في الغنائم فإن النبوة تنافي الخيانة، يقال غل شيئاً من المغنم يغل غلولاً وأغل إغلالاً إذا أخذه في خفية والمراد منه: إما براءة الرسول عليه السلام عما اتهم به إذ روي أن قطيفة حمراء فقدت يوم بدر فقال بعض المنافقين لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها، أو ظن به الرماة يوم أحد حين تركوا المركز للغنيمة وقالوا نخشى أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخذ شيئاً فهو له ولا يقسم الغنائم.

السابقالتالي
2