الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَٰكُمْ فَأَثَـٰبَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَآ أَصَـٰبَكُمْ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

{ إِذْ تُصْعِدُونَ } متعلق بصرفكم، أو ليبتليكم أو بمقدر كاذكروا. والإِصعاد الذهاب والإِبعاد في الأرض يقال: أصعدنا من مكة إلى المدينة. { وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ } لا يقف أحد لأحد ولا ينتظره. { وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ } كان يقول إليَّ عباد الله أنا رسول الله من يكر فله الجنة. { فِي أُخْرَاكُمْ } في ساقتكم أو جماعتكم الأخرى { فَأَثَـٰبَكُمْ غَمّاً بِغَمّ } عطف على صرفكم، والمعنى فجازاكم الله عن فشلكم وعصيانكم غماً متصلاً بغم، من الاغتمام بالقتل والجرح وظفر المشركين والإِرجاف بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، أو فجازاكم غماً بسبب غم أذقتموه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعصيانكم له. { لّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَـٰبَكُمْ } لتتمرنوا على الصبر في الشدائد فلا تحزنوا فيما بعد على نفع فائت ولا ضر لاحق. وقيل { لا } مزيدة والمعنى لتأسفوا على ما فاتكم من الظفر والغنيمة وعلى ما أصابكم من الجرح والهزيمة عقوبة لكم. وقيل الضمير في فأثابكم للرسول صلى الله عليه وسلم أي فآساكم في الاغتمام فاغتم بما نزل عليكم، كما اغتممتم بما نزل عليه ولم يثر بكم على عصيانكم تسلية لكم كيلا تحزنوا على ما فاتكم من النصر ولا على ما أصابكم من الهزيمة { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } عليم بأعمالكم وبما قصدتم بها.