الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ }

{ قَدْ كَانَ لَكُمْ ءايَةٌ } الخطاب لقريش أو لليهود، وقيل للمؤمنين. { فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا } يوم بدر. { فِئَةٌ تُقَـٰتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مّثْلَيْهِمْ } يرى المشركون المؤمنين مثلي عدد المشركين، وكان قريباً من ألف، أو مثلي عدد المسلمين وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر، وذلك كان بعد ما قللهم في أعينهم حتى اجترؤوا عليهم وتوجهوا إليهم، قلما لاقوهم كثروا في أعينهم حتى غلبوا مدداً من الله تعالى للمؤمنين، أو يرى المؤمنون المشركين مثلي المؤمنين وكانوا ثلاثة أمثالهم ليثبتوا لهم ويتيقنوا بالنصر الذي وعدهم الله به في قوله:فَإِن يَكُن مّنكُمْ مّاْئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ } [الأنفال: 66] ويؤيده قراءة نافع ويعقوب بالتاء وقرىء بهما على البناء للمفعول أي يريهم الله، أو يريكم ذلك بقدرته، وفئة بالجر على البدل من فئتين والنصب على الاختصاص، أو الحال من فاعل التفتا. { رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } رؤية ظاهرة معاينة. { وَٱللَّهُ يُؤَيّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء } نصره كما أيد أهل بدر. { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي التقليل والتكثير، أو غلبة القليل عديم العدة في الكثير شاكي السلاح، وكون الواقعة آية أيضاً يحتملها ويحتمل وقوع الأمر على ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم. { لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَـٰرِ } أي لعظة لذوي البصائر. وقيل لمن أبصرهم.