الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُنزَلِينَ } * { بَلَىۤ إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُسَوِّمِينَ } * { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } * { لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ } * { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } * { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرِّبَٰواْ أَضْعَٰفاً مُّضَٰعَفَةً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِيۤ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } * { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }

{ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ } تذكير ببعض ما أفادهم التوكل. وبدر ماء بين مكة والمدينة كان لرجل يسمى بدراً فسمي به. { وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ } حال من الضمير، وإنما قال أذلة ولم يقل ذلائل تنبيهاً على قلتهم مع ذلتهم لضعف الحال وقلة المراكب والسلاح. { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في الثبات. { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } بتقواكم ما أنعم به عليكم من نصره، أو لعلكم بنعم الله عليكم فتشكرون، فوضع الشكر موضع الأنعام لأنه سببه.

{ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ } ظرف لنصركم. وقيل بدل ثان من إذ غدوت على أن قوله لهم يوم أحد وكان مع اشتراط الصبر والتقوى عن المخالفة، فلما لم يصبروا عن الغنائم وخالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لم تنزل الملائكة. { أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ ءَالاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ } إنكار أن لا يكفيهم، ذلك وإنما جيء بلن إشعاراً بأنهم كانوا كالآيسين من النصر لضعفهم وقلتهم وقوة العدو وكثرتهم. قيل أمدهم الله يوم بدر أولاً بألف من الملائكة ثم صاروا ثلاثة آلاف ثم صاروا خمسة آلاف. وقرأ ابن عامر { مُنزَلِينَ } بالتشديد للتكثير أو للتدريج.

{ بَلَىٰ } إيجاب لما بعد لن، أي بلى يكفيكم. ثم وعد لهم الزيادة على الصبر والتقوى حثاً عليهما وتقوية لقلوبهم فقال: { إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ } أي المشركون. { مّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا } من ساعتهم هذه، وهو في الأصل مصدر من فارت القدر إذ غلت، فاستعير للسرعة ثم أطلق للحال التي لا ريث فيها ولا تراخي، والمعنى إن يأتوكم في الحال. { يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءَالافٍ مّنَ ٱلْمَلَـئِكَةِ } في حال إتيانهم بلا تراخ ولا تأخير. { مُسَوّمِينَ } معلمين من التسويم الذي هو إظهار سيما الشيء لقوله عليه الصلاة والسلام لأصحابه. " تسوموا فإن الملائكة قد تسومت " أو مرسلين من التسويم بمعنى الأسامة. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب بكسر الواو.

{ وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ } وما جعل إمدادكم بالملائكة. { إِلاَّ بُشْرَىٰ لَكُمْ } إلا بشارة لكم بالنصر. { وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ } ولتسكن إليه من الخوف. { وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } لا من العدة والعدد، وهو تنبيه على أنه لا حاجة في نصرهم إلى مدد وإنما أمدهم ووعد لهم به إشارة لهم وربطاً على قلوبهم، من حيث إن نظر العامة إلى الأسباب أكثر وحثاً على أن لا يبالوا بمن تأخر عنهم. { ٱلْعَزِيزُ } الذي لا يغالب في أقضيته. { ٱلْحَكِيمُ } الذي ينصر ويخذل بوسط وبغير وسط على مقتضى الحكمة والمصلحة.

{ لِيَقْطَعَ طَرَفاً مّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } متعلق بنصركم، أو { وَمَا ٱلنَّصْرُ } إن كان اللام فيه للعهد، والمعنى لينقص منهم بقتل بعض وأسر آخرين، وهو ما كان يوم بدر من قتل سبعين وأسر سبعين من صناديدهم.

السابقالتالي
2