الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ ٱلْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

{ وَإِذْ غَدَوْتَ } أي واذكر إذ غدوت. { مِنْ أَهْلِكَ } أي من حجرة عائشة رضي الله عنها. { تُبَوّىء ٱلْمُؤْمِنِينَ } تنزلهم. أو تسوي وتهيىء لهم ويؤيده القراءة باللام. { مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ } مواقف وأماكن له، وقد يستعمل المقعد والمقام بمعنى المكان على الاتساع كقوله تعالى:فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ } [القمر: 55] وقوله تعالى:قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ } [النمل: 39] { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ } لأقوالكم. { عَلِيمٌ } بنياتكم روي (أن المشركين نزلوا بأحد يوم الأربعاء ـ ثاني عشر شوال سنة ثلاث من الهجرة ـ فاستشار الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه، وقد دعا عبد الله بن أبي بن سلول ولم يدعه قبل فقال هو وأكثر الأنصار: أقم يا رسول الله بالمدينة ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو إلا أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه فكيف وأنت فينا؟ فدعهم فإن أقاموا أقاموا بشر محبس، وإن دخلوا قاتلهم الرجال ورماهم النساء والصبيان بالحجارة، وإن رجعوا رجعوا خائبين. وأشار بعضهم إلى الخروج فقال عليه الصلاة والسلام: " رأيت في منامي بقرة مذبوحة حولي فأولتها خيراً، ورأيت في ذباب سيفي ثلماً فأولته هزيمة، ورأيت كأني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم " فقال رجال فاتتهم بدر وأكرمهم الله بالشهادة يوم أحد اخرج بنا إلى أعدائنا. وبالغوا حتى دخل ولبس لامته، فلما رأوا ذلك ندموا على مبالغتهم وقالوا: اصنع يا رسول الله ما رأيت فقال " لا ينبغي لنبي أن يلبس لامته فيضعها حتى يقاتل " فخرج بعد صلاة الجمعة وأصبح بشعب أُحُد يوم السبت، ونزل في عدوة الوادي وجعل ظهره وعسكره إلى أحد وسوى صفهم، وَأَمَّر عبد الله بن جبير على الرماة وقال: انضحوا عنا بالنبل لا يأتونا من ورائنا).