{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَـٰلِحاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } بأن اعبدوا الله، وقرىء بضم النون على اتباعها الباء. { فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } ففاجئوا التفرق والاختصام فآمن فريق وكفر فريق، والواو لمجموع الفريقين. { قَالَ يَـا قَوْمٍ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِٱلسَّيّئَةِ } بالعقوبة فتقولون ائتنا بما تعدنا. { قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } قبل التوبة فتؤخرونها إلى نزول العقاب فإنهم كانوا يقولون إن صدق إيعاده تبنا حينئذ. { لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ } قبل نزوله. { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } بقبولها فإنها لا تقبل حينئذ. { قَالُواْ ٱطَّيَّرْنَا } تشاءمنا. { بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ } إِذ تتابعت علينا الشدائد، أو وقع بيننا الافتراق منذ اخترعتم دينكم. { قَالَ طَائِرُكُمْ } سببكم الذي جاء منه شركم. { عَندَ ٱللَّهِ } وهو قدره أو عملكم المكتوب عنده. { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } تختبرون بتعاقب السراء والضراء، والإِضراب من بيان طائرهم الذي هو مبدأ ما يحيق بهم إلى ذكر ما هو الداعي إليه. { وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ } تسعة أنفس، وإنما تمييزاً للتسعة باعتبار المعنى، والفرق بينه وبين النفر أنه من الثلاثة أو السبعة إلى العشرة، والنفر من الثلاثة إلى التسعة. { يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } أي شأنهم الإِفساد الخالص عن شوب الصلاح. { قَالُواْ } أي قال بعضهم لبعض. { تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ } أمر مقول أو خبر وقع بدلاً أو حالاً بإضمار قد. { لَنُبَيّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ } لنباغتن صالحاً وأهله ليلاً. وقرأ حمزة والكسائي بالتاء على خطاب بعضهم لبعض، وقرىء بالياء على أن تقاسموا خبر. { ثُمَّ لَنَقُولَنَّ } فيه القراءات الثلاث. { لِوَلِيِّهِ } لولي دمه. { مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ } فضلاً أن تولينا إهلاكهم، وهو يحتمل المصدر والزمان والمكان وكذا »مُهْلِكَ« في قراءة حفص فإن مفعلاً قد جاء مصدراً كمرجع. وقرأ أبو بكر بالفتح فيكون مصدراً. { وِإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ } ونحلف إنا لصادقون، أو والحال { إِنَّا لَصَـٰدِقُونَ } فيما ذكرنا لأن الشاهد للشيء غير المباشر له عرفاً، أو لأنا ما شهدنا مهلكهم وحده بل مهلكه ومهلكهم كقولك ما رأيت ثمة رجلاً بل رجلين. { وَمَكَرُواْ مَكْراً } بهذه المواضعة. { وَمَكَرْنَا مَكْراً } بأن جعلناها سبباً لإِهلاكهم. { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } بذلك، روي أنه كان لصالح في الحجر مسجد في شعب يصلي فيه فقالوا: زعم أنه يفرغ منا إلى ثلاث فنفرغ منه ومن أهله قبل الثلاث، فذهبوا إلى الشعب ليقتلوه، فوقع عليهم صخرة حيالهم فطبقت عليهم فم الشعب فهلكوا ثمة وهلك الباقون في أماكنهم بالصيحة كما أشار إليه قوله: { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَـٰهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ } و { كَانَ } إن جعلت ناقصة فخبرها { كَيْفَ } و { أَنَّا دَمَّرْنَـٰهُمْ } استئناف أو خبر محذوف لا خبر { كَانَ } لعدم العائد، وإن جعلتها تامة فـ { كَيْفَ } حال. وقرأ الكوفيون ويعقوب { أَنَّا دَمَّرْنَـٰهُمْ } بالفتح على أنه خبر محذوف أو بدل من اسم { كَانَ } أو خبر له و { كَيْفَ } حال.