الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوۤءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ } * { وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْس وَٱلطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ }

{ إَلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوء فَإِنّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } استثناء منقطع استدرك به ما يختلج في الصدر من نفي الخوف عن كلهم، وفيهم من فرطت منه صغيرة فإنهم وإن فعلوها أتبعوا فعلها ما يبطلها ويستحقون به من الله مغفرة ورحمة فإنه لا يخاف أيضاً، وقصد تعريض موسى بوكزه القبطي. وقيل متصل وثم بدل مستأنف معطوف على محذوف أي عن ظلم ثم بدل ذنبه بالتوبة.

{ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ } لأنه كان بمدرعة صوف لا كم لها. وقيل الجيب القميص لأنه يجاب أي يقطع. { تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوء } آفة كبرص. { فِي تِسْعِ ءَايَاتٍ } في جملتها أو معها على أن التسع هي، الفلق، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والطمسة، والجدب في بواديهم، والنقصان في مزراعهم ولمن عد العصا واليد من التسع أن يعد الأخيرين واحداً ولا يعد الفلق لأنه لم يبعث به إلى فرعون. أو اذهب في تسع آيات على أنه استئناف بالإِرسال فيتعلق به. { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ } وعلى الأولين يتعلق بنحو مبعوثاً أو مرسلاً. { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ } تعليل للإِرسال.

{ فَلَمَّا جَاءتْهُمْ ءَايَـٰتُنَا } بأن جاءهم موسى بها. { مُبْصِرَةً } بينة اسم فاعل أطلق للمفعول، وإشعاراً بأنها لفرط اجتلائها للأبصار بحيث تكاد تبصر نفسها لو كانت مما يبصر، أو ذات تبصر من حيث إنها تهدي والعمي لا تهتدي فضلاً عن أن تهدي، أو مبصرة كل من نظر إليها وتأمل فيها. وقرىء»مُبْصِرَةً« أي مكاناً يكثركم فيه التبصر. { قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } واضح سحريته.

{ وَجَحَدُواْ بِهَا } وكذبوا بها. { وَٱسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ } وقد استيقنتها لأن الواو للحال. { ظُلْماً } لأنفسهم. { وَعُلُوّاً } ترفعاً عن الإِيمان وانتصابهما. على العلة من { جَحَدُواْ }. { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } وهو الإِغراق في الدنيا والإِحراق في الآخرة.

{ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَـٰنَ عِلْماً } طائفة من العلم وهو علم الحكم والشرائع، أو علماً أي علم. { وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } عطفه بالواو إشعاراً بأن ما قالاه بعض ما أتيا به في مقابلة هذه النعمة كأنه قال: ففعلا شكراً له ما فعلا { وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ }. { ٱلَّذِى فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ } يعني من لم يؤت علماً أو مثل علمهما، وفيه دليل على فضل العلم وشرف أهله حيث شكرا على العلم وجعلاه أساس الفضل ولم يعتبرا دونه ما أوتيا من الملك الذي لم يؤت غيرهما، وتحريض للعالم على أن يحمد الله تعالى على ما آتاه من فضله وأن يتواضع ويعتقد أنه وإن فضل على كثير فقد فضل عليه كثير.

{ وَوَرِثَ سُلَيْمَـٰنُ دَاوُودَ } النبوة أو العلم أو الملك بأن قام مقامه في ذلك دون سائر بنيه وكانوا تسعة عشر.

السابقالتالي
2 3