الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا تَرَاءَى ٱلْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } * { قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } * { فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلآخَرِينَ } * { وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ } * { ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ } * { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ } * { قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ } * { قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ } * { أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ } * { قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } * { قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ } * { أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ } * { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } * { وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } * { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } * { وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ } * { وَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ } * { رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ } * { وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ } * { وَٱجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ } * { وَٱغْفِرْ لأَبِيۤ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ } * { وَلاَ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ } * { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ } * { إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } * { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ } * { وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ } * { وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ } * { مِن دُونِ ٱللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ } * { فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَٱلْغَاوُونَ }

{ فَلَمَّا تَرَآءَ ٱلْجَمْعَانِ } تقاربا بحيث رأى كل واحد منهما الآخر، وقرىء «تراءت الفئتان» { قَالَ أَصْحَـٰبُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } لملحقون، وقرىء »لَمُدْرَكُونَ« من أدرك الشيء إذا تتابع ففني، أي: لمتتابعون في الهلاك على أيديهم.

{ قَالَ كَلاَّ } لن يدركوكم فإن الله وعدكم بالخلاص منهم. { إِنَّ مَعِيَ رَبِّي } بالحفظ والنصرة. { سَيَهْدِينِ } طريق النجاة منهم، روي أن مؤمن آل فرعون كان بين يدي موسى فقال: أين أمرت فهذا البحر أمامك وقد غشيك آل فرعون، فقال: أمرت بالبحر ولعلي أومر بما أصنع.

{ فَأَوْحَينَا إِلَى مُوسَى أَنِ ٱضْرِب بّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ } بحر القلزم أو النيل. { فَٱنفَلَقَ } أي فضرب فانفلق وصار اثني عشر فرقاً بينها مسالك. { فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } كالجبل المنيف الثابت في مقره فدخلوا في شعابها كل سبط في شعب.

{ وَأَزْلَفْنَا } وقربنا. { ثَمَّ ٱلآخَرِينَ } فرعون وقومه حتى دخلوا على أثرهم مداخلهم.

{ وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ } بحفظ البحر على تلك الهيئة إلى أن عبروا.

{ ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ } بإطباقه عليهم.

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً } وأية آية. { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ } وما تنبه عليها أكثرهم إذ لم يؤمن بها أحد ممن بقي في مصر من القبط، وبنو إسرائيل بعد ما نجوا سألوا بقرة يعبدونها واتخذوا العجل وقالوالَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً } [البقرة: 55] { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } المنتقم من أعدائه. { ٱلرَّحِيمِ } بأوليائه.

{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ } على مشركي العرب. { نَبَأَ إِبْرٰهِيمَ }.

{ إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ } سألهم ليريهم أن ما يعبدونه لا يستحق العبادة.

{ قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَـٰكِفِينَ } فأطالوا جوابهم بشرح حالهم معه تبجحاً به وافتخاراً، و «نظل» ها هنا بمعنى ندوم. وقيل كانوا يعبدونها بالنهار دون الليل.

{ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ } أيسمعون دعاءكم أو يسمعونكم تدعون فحذف ذلك لدلالة. { إِذْ تَدْعُونَ } عليه وقرىء »يَسْمَعُونَكُمْ« أي يسمعونكم الجواب عن دعائكم ومجيئه مضارعاً مع { إِذْ } على حكاية الحال الماضية استحضاراً لها.

{ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ } على عبادتكم لها. { أَوْ يَضُرُّونَ } من أعرض عنها.

{ قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَا ءَابَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } أضربوا عن أن يكون لهم سمع أو يتوقع منهم ضر أو نفع، والتجأوا إلى التقليد.

{ قَالَ أَفَرَءَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنتُمْ وَءَابَاؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ } فإن التقدم لا يدل على الصحة ولا ينقلب به الباطل حقاً.

{ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي } يريد أنهم أعداء لعابديهم من حيث إنهم يتضررون من جهتهم فوق ما يتضرر الرجل من جهة عدوه، أو إن المغري بعبادتهم أعدى أعدائهم وهو الشيطان، لكنه صور الأمر في نفسه تعريضاً لهم فإنه أنفع في النصح من التصريح، وإشعاراً بأنها نصيحة بدأ بها نفسه ليكون أدعى إلى القبول، وإفراد العدو لأنه في الأصل مصدر أو بمعنى النسب.

السابقالتالي
2 3