الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ طسۤمۤ } * { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } * { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } * { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ } * { فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ٱئْتِ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } * { وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ } * { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } * { قَالَ كَلاَّ فَٱذْهَبَا بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ }

مكية إلا قوله تعالى وَالشُّعَراءُ يَتَبِعُهُمُ الغَاوُونَ إلى

آخرها وهي مائتان وست أو سبع وعشرون آية

{ بسم الله الرحمن الرحيم }

{ طسم } قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر بالإِمالة، ونافع بين كراهة للعود إلى الياء المهروب منها، وأظهر نونه حمزة لأنه في الأصل منفصل عما بعده.

{ تِلْكَ ءَايَاتُ ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ } الظاهر إعجازه وصحته، والإِشارة إلى السورة أو القرآن على ما قرر في أول «البقرة».

{ لَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ } قاتل نفسك، وأصل البخع أن يبلغ بالذبح النخاع وهو عرق مستبطن الفقار وذلك أقصى حد الذبح، وقرىء { بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ } بالإِضافة، ولعل للإِشفاق أي أشفق على نفسك أن تقتلها حسرة. { أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } لئلا يؤمنوا أو خيفة أن لا يؤمنوا.

{ إِن نَّشَأْ نُنَزّلْ عَلَيْهِمْ مّنَ ٱلسَّمَاء ءَايَةً } دلالة ملجئة إلى الإِيمان أو بلية قاسرة عليه. { فَظَلَّتْ أَعْنَـٰقُهُمْ لَهَا خَـٰضِعِينَ } منقادين وأصله فظلوا لها خاضعين فأقحمت الأعناق لبيان موضع الخضوع وترك الخبر على أصله. وقيل لما وصفت الأعناق بصفات العقلاء أجريت مجراهم. وقيل المراد بها الرؤساء أو الجماعات من قولهم: جاءنا عنق من الناس لفوج منهم، وقرىء { خاضعة } و { ظَلْتَ } عطف على { نُنَزّلُ } عطف وأكن على فأصدق لأنه لو قيل أنزلنا بدله لصح.

{ وَمَا يَأْتِيهِم مّن ذِكْرٍ } موعظة أو طائفة من القرآن. { مّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ } يوحيه إلى نبيه. { مُّحْدَثٍ } مجدد إنزاله لتكرير التذكير وتنويع التقرير. { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ } إلا جددوا إعراضاً عنه وإصراراً على ما كانوا عليه.

{ فَقَدْ كَذَّبُواْ } أي بالذكر بعد إعراضهم وأمعنوا في تكذيبه بحيث أدى بهم إلى الاستهزاء به المخبر به عنهم ضمناً في قوله: { فَسَيَأْتِيهِمْ } أي إذا مسهم عذاب الله يوم بدر أو يوم القيامة. { أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } من أنه كان حقاً أم باطلاً، وكان حقيقاً بأن يصدق ويعظم قدره أو يكذب فيستخف أمره.

{ أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلأَرْضِ } أو لم ينظروا إلى عجائبها. { كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ } صنف. { كَرِيمٌ } محمود كثير المنفعة، وهو صفة لكل ما يحمد ويرضى، وههنا يحتمل أن تكون مقيدة لما يتضمن الدلالة على القدرة، وأن تكون مبينة منبهة على أنه ما من نبت إلا وله فائدة إما وحده أو مع غيره، و { كُلٌّ } لإِحاطة الأزواج { وَكَمْ } لكثرتها.

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ } إن في إنبات تلك الأصناف أو في كل واحد. { لآيَةً } على أن منبتها تام القدرة والحكمة، سابغ النعمة والرحمة. { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ } في علم الله وقضائه فلذلك لا ينفعهم أمثال هذه الآيات العظام.

{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } الغالب القادر على الانتقام من الكفرة. { ٱلرَّحِيمِ } حيث أمهلهم أو العزيز في انتقامه ممن كفر الرحيم لمن تاب وآمن.

السابقالتالي
2