الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً } * { فَقُلْنَا ٱذْهَبَآ إِلَى ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً } * { وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً } * { وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَابَ ٱلرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً } * { وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ ٱلأَمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً } * { وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِيۤ أُمْطِرَتْ مَطَرَ ٱلسَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً } * { وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } * { إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } * { أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } * { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } * { أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا ٱلشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً } * { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً }

{ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَـٰبَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَـٰرُونَ وَزِيراً } يوازره في الدعوة وإعلاء الكلمة ولا ينافي ذلك مشاركته في النبوة، لأن المتشاركين في الأمر متوازرون عليه.

{ فَقُلْنَا ٱذْهَبَا إِلَى ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ } يعني فرعون وقومه. { بِئَايَٰتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً } أي فذهبا إليهم فكذبوهما فدمرناهم، فاقتصر على حاشيتي القصة اكتفاء بما هو المقصود منها وهو إلزام الحجة ببعثة الرسل واستحقاق التدمير بتكذيبهم والتعقيب باعتبار الحكم لا الوقوع، وقرىء «فدمرتهم» «فدمراهم فدمرانهم» على التأكيد بالنون الثقيلة.

{ وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ } كذبوا نوحاً ومن قبله، أو نوحاً وحده ولكن تكذيب واحد من الرسل كتكذيب الكل أو بعثة الرسل مطلقاً كالبراهمة. { أَغْرَقْنَـٰهُمْ } بالطوفان. { وَجَعَلْنَـٰهُمْ } وجعلنا إغراقهم أو قصتهم. { لِلنَّاسِ ءَايَةً } عبرة. { وَأَعْتَدْنَا لِلظَّـٰلِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً } يحتمل التعميم والتخصيص فيكون وضعاً للظاهر موضع المضمر تظليماً لهم.

{ وَعَاداً وَثَمُودَ } عطف على هم في { جَعَلْنَـٰهُمْ } أو على «الظالمين» لأن المعنى ووعدنا الظالمين، وقرأ حمزة وحفص «وثمود» على تأويل القبيلة. { وَأَصْحَـٰبُ ٱلرَّسِّ } قوم كانوا يعبدون الأصنام فبعث الله تعالى إليهم شعيباً فكذبوه، فبينما هم حول الرس وهي البئر الغير المطوية فانهارت فخسف بهم وبديارهم. وقيل { ٱلرَّسّ } قرية بفلج اليمامة كان فيها بقايا ثمود فبعث إليهم نبي فقتلوه فهلكوا. وقيل الأخدود وقيل بئر بأنطاكية قتلوا فيها حبيباً النجار، وقيل هم أصحاب حنظلة بن صفوان النبي ابتلاهم الله تعالى بطير عظيم كان فيها من كل لون، وسموها عنقاء لطول عنقها وكانت تسكن جبلهم الذي يقال له فتخ أو دمخ وتنقض على صبيانهم فتخطفهم إذا أعوزها الصيد، ولذلك سميت مغرباً فدعا عليها حنظلة فأصابتها الصاعقة ثم أنهم قتلوه فأهلكوا. وقيل هم قوم كذبوا نبيهم ورسوه أي دسوه في بئر. { وَقُرُوناً } وأهل أعصار قيل القرن أربعون سنة وقيل سبعون وقيل مائة وعشرون. { بَيْنَ ذٰلِكَ } إشارة إلى ما ذكر. { كَثِيراً } لا يعلمها إلا الله.

{ وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ ٱلأَمْثَالَ } بينا له القصص العجيبة من قصص الأولين إنذاراً وإعذاراً فلما أصروا أهلكوا كما قال: { وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً } فتتناه تفتيتاً ومنه التبر لفتات الذهب والفضة، { وَكُلاًّ } الأول منصوب بما دل عليه { ضَرَبْنَا } كأنذرنا والثاني بـ { تَبَّرْنَا } لأنه فارغ.

{ وَلَقَدْ أَتَوْا } يعني قريشاً مروا مراراً في متاجرهم إلى الشام. { عَلَى ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ ٱلسَّوْءِ } يعني سدوم عظمى قرى قوم لوط أمطرت عليها الحجارة. { أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا } في مرار مرورهم فيتعظوا بما يرون فيها من آثار عذاب الله. { بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً } بل كانوا كفرة لا يتوقعون نشوراً ولا عاقبة فلذلك لم ينظروا ولم يتعظوا فمروا بها كما مرت ركابهم، أو لا يأملون نشوراً كما يأمله المؤمنون طمعاً في الثواب، أو لا يخافونه على اللغة التهامية.

السابقالتالي
2 3