الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي } أو فيما فرضنا أو أنزلنا حكمها وهو الجلد، ويجوز أن يرفعا بالإِبتداء والخبر: { فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ } والفاء لتضمنها معنى الشرط إذ اللام بمعنى الذي، وقرىء بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر وهو أحسن من نصب سورة لأجل الأمر والزان بلا ياء، وإنما قدم { ٱلزَّانِيَةُ } لأن الزنا في الأغلب يكون بتعرضها للرجل وعرض نفسها عليه ولأن مفسدته تتحقق بالإِضافة إليها، والجلد ضرب الجلد وهو حكم يخص بمن ليس بمحصن لما دل على أن حد المحصن هو الرجم، وزاد الشافعي عليه تغريب الحر سنة لقوله عليه الصلاة والسلام " البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام " وليس في الآية ما يدفعه لينسخ أحدهما الآخر نسخاً مقبولاً أو مردوداً، وله في العبد ثلاثة أقوال. والإِحصان: بالحرية والبلوغ والعقل والإِصابة في نكاح صحيح، واعتبرت الحنفية الإِسلام أيضاً وهو مردود برجمه عليه الصلاة والسلام يهوديين، ولا يعارضه " من أشرك بالله فليس بمحصن " إذ المراد بالمحصن الذي يقتص له من المسلم. { وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ } رحمة. { فِي دِينِ ٱللَّهِ } في طاعته وإقامة حده فتعطلوه أن تسامحوا فيه، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام " لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها " وقرأ ابن كثير بفتح الهمزة وقرئت بالمد على فعالة. { إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلأَخِرِ } فإن الإِيمان يقتضي الجد في طاعة الله تعالى والاجتهاد في إقامة حدوده وأحكامه، وهو من باب التهييج. { وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } زيادة في التنكيل فإن التفضيح قد ينكل أكثر مما ينكل التعذيب، والـ { طَائِفَةٌ } فرقة يمكن أن تكون حافة حول شيء من الطوف وأقلها ثلاثة وقيل واحداً واثنان، والمراد جمع يحصل به التشهير.