الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَٰتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ } * { مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } * { ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } * { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ }

{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَـٰناً } حجة تدل على جواز عبادته. { وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ } حصل لهم من ضرورة العقل أو استدلاله. { وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ } وما للذين ارتكبوا مثل هذا الظلم. { مِن نَّصِيرٍ } يقرر مذهبهم أو يدفع العذاب عنهم.

{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُنَا } من القرآن. { بَيّنَـٰتٍ } واضحات الدلالة على العقائد الحقية والأحكام الإِلهية. { تَعْرِفُ فِى وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ } الانكار لفرط نكيرهم للحق وغيظهم لأباطيل أخذوها تقليداً، وهذا منتهى الجهالة وللإِشعار بذلك وضع الذين كفروا موضع الضمير أو ما يقصدونه من الشر { يَكَـٰدُونَ يَسْطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ ءَايَـٰتِنَا } يثبون ويبطشون بهم. { قُلْ أَفَأُنَبّئُكُم بِشَرّ مّن ذٰلِكُمُ } من غيظكم على التالين وسطوتكم عليهم، أو مما أصابكم من الضجر بسبب ما تلوا عليكم. { ٱلنَّارُ } أي هو النار كأنه جواب سائل قال: ما هو، ويجوز أن يكون مبتدأ خبره: { وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وقرىء بالنصب على الاختصاص وبالجر بدلاً من شر فتكون الجملة استئنافاً كما إذا رفعت خبراً أو حالاً منها. { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } النار.

{ يأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ } بين لكم حال مستغربة أو قصة رائعة ولذلك سماها مثلاً، أو جعل لله مثل أي مثل في استحقاق العبادة. { فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ } للمثل أو لشأنه استماع تدبر وتفكر. { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يعني الأصنام، وقرأ يعقوب بالياء وقرىء مبنياً للمفعول والراجع إلى الموصول محذوف على الأولين. { لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً } لا يقدرون على خلقه مع صغره لأن { لَنْ } بما فيها من تأكيد النفي دالة على منافاة ما بين المنفي والمنفي عنه، و { ٱلذُّبَابُ } من الذب لأنه يذب وجمعه أذبة وذبان. { وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ } أي للخلق هو بجوابه المقدر في موضع حال جيء به للمبالغة، أي لا يقدرون على خلقه مجتمعين له متعاونين عليه فكيف إذا كانوا منفردين. { وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ } جهلهم غاية التجهيل بأن أشركوا إلهاً قدر على المقدورات كلها وتفرد بإيجاد الموجودات بأسرها تماثيل هي أعجز الأشياء، وبين ذلك بأنها لا تقدر على خلق أقل الأحياء وأذلها ولو اجتمعوا له، بل لا تقوى على مقاومة هذا الأقل الأذل وتعجز عن ذبه عن نفسها واستنقاذ ما يختطفه من عندها. قيل كانوا يطلونها بالطيب والعسل ويغلقون عليها الأبواب فيدخل الذباب من الكوى فيأكله. { ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ } عابد الصنم ومعبوده، أو الذباب يطلب ما يسلب عن الصنم من الطيب والصنم يطلب الذباب منه السلب، أو الصنم والذباب كأنه يطلبه ليستنقذ منه ما يسلبه ولو حققت وجدت الصنم أضعف بدرجات.

السابقالتالي
2 3