الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ } * { كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ } * { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } * { وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ } * { قَالَ هُمْ أُوْلاۤءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ } * { قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ } * { فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي } * { قَالُواْ مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى ٱلسَّامِرِيُّ } * { فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُواْ هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ } * { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } * { وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي } * { قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ } * { قَالَ يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ } * { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } * { قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } * { قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يٰسَامِرِيُّ } * { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } * { قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً }

{ يَا بَنِى إِسْرٰءِيلَ } خطاب لهم بعد إنجائهم من البحر وإهلاك فرعون على إضمار قلنا، أو للذين منهم في عهد النبي عليه الصلاة والسلام بما فعل بآبائهم. { قَدْ أَنجَيْنَـٰكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ } فرعون وقومه. { وَوَاعَدْنَـٰكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنَ } بمناجاة موسى وإنزال التوراة، وإنما عد المواعدة إليهم وهي لموسى أو له وللسبعين المختارين للملابسة. { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ } يعني في التيه.

{ كُلُواْ مِن طَيِّبَـٰتِ مَا رَزَقْنَـٰكُمْ } لذائذه أو حلالاته، وقرأ حمزة والكسائي «أنجيتكم» «وواعدتكم» و «ما رزقتكم» على التاء. وقرىء «ووعدتكم» «ووعدناكم»، والأيمن بالجر على الجوار مثل: حجر ضب خرب. { وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ } فيما رزقناكم بالإِخلال بشكره والتعدي لما حد الله لكم فيه كالسرف والبطر والمنع عن المستحق. { فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِى } فيلزمكم عذابي ويجب لكم من حل الدين إذا وجب أداؤه. { وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِى فَقَدْ هَوَىٰ } فقد تردى وهلك. وقيل وقع في الهاوية، وقرأ الكسائي «يحل» و { يُحْلِلْ } بالضم من حل يحل إذا نزل.

{ وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ } عن الشرك. { وَآمَنَ } بما يجب الإِيمان به. { وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } ثم استقام على الهدى المذكور.

{ وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ } سؤال عن سبب العجلة يتضمن إنكارها من حيث إنها نقيصة في نفسها انضم إليها إغفال القوم وإيهام التعظم عليهم فلذلك أجاب موسى عن الأمرين وقدم جواب الإِنكار لأنه أهم.

{ قَالَ } موسى. { هُمْ أُوْلآءِ عَلَىٰ أَثَرِى } أي ما تقدمتهم إلا بخطاً يسيرة لا يعتد بها عادة وليس بيني وبينهم إلا مسافة قريبة يتقدم بها الرفقة بعضهم بعضاً. { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ } فإن المسارعة إلى امتثال أمرك والوفاء بعهدك توجب مرضاتك.

{ قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ } ابتليناهم بعبادة العجل بعد خروجك من بينهم وهم الذين خلفهم مع هارون وكانوا ستمائة ألف ما نجا من عبادة العجل منهم إلا اثنا عشر ألفاً. { وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِىُّ } باتخاذ العجل والدعاء إلى عبادته، وقرىء { وَأَضَلَّهُمْ } أي أشدهم ضلالاً لأنه كان ضالاً مضلاً، وإن صح أنهم أقاموا على الدين بعد ذهابه عشرين ليلة وحسبوها بأيامها أربعين وقالوا قد أكملنا العدة ثم كان أمر العجل، وإن هذا الخطاب كان له عند مقدمه إذ ليس في الآية ما يدل عليه كان ذلك إخباراً من الله له عن المترقب بلفظ الواقع على عادته، فإن أصل وقوع الشيء أن يكون في علمه ومقتضى مشيئته، و { ٱلسَّامِرِيُّ } منسوب إلى قبيلة من بني إسرائيل يقال لها السامرة. وقيل كان علجا من كرمان. وقيل من أهل باجرما واسمه موسى بن ظفر وكان منافقاً.

{ فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ } بعد ما استوفى الأربعين وأخذ التوراة { غَضْبَـٰنَ } عليهم.

السابقالتالي
2 3