الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } * { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ } * { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ } * { وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } * { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ } * { قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُواْ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهْتَدَىٰ }

{ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } وهي العدة بتأخير عذاب هذه الأمة إلى الآخرة. { لَكَانَ لِزَاماً } لكان مثل ما نزل بعاد وثمود لازماً لهؤلاء الكفرة، وهو مصدر وصف به أو اسم آلة سمي به اللازم لفرط لزومه كقولهم لزاز خصم. { وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } عطف على كلمة أي ولولا العدة بتأخير العذاب وأجل مسمى لأعمارهم، أو لعذابهم وهو يوم القيامة أو يوم بدر لكان العذاب لزاماً والفصل للدلالة على استقلال كل منهما بنفي لزوم العذاب، ويجوز عطفه على المستكن في كان أي لكان الأخذ العاجل وأجل مسمى لازمين له. { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } وصل وأنت حامد لربك على هدايته وتوفيقه، أو نزهه عن الشرك وسائر ما يضيفون إليه من النقائص حامداً له على ما ميزك بالهدى معترفاً بأنه المولى للنعم كلها. { قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ } يعني الفجر. { وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } يعني الظهر والعصر لأنهما في آخر النهار أو العصر وحده. { وَمِنْ ءَانَاءِ ٱلَّيْلِ } ومن ساعاته جمع أنا بالكسر والقصر، أو أناء بالفتح والمد. { فَسَبِّحْ } يعني المغرب والعشاء وإنما قدم زمان الليل لاختصاصه بمزيد الفضل فإن القلب فيه أجمع والنفس أميل إلى الاستراحة فكانت العبادة فيه أحمز ولذلك قال سبحانه وتعالى:إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً } [المزمل: 6] { وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ } تكرير لصلاتي الصبح والمغرب إرادة الاختصاص، ومجيئه بلفظ الجمع لأمن الإِلباس كقوله:
ظَهْـرَاهُمَـا مِثْـل ظُهُـورِ التِـرْسَيْـنِ   
أو أمر بصلاة الظهر فإنه نهاية النصف الأول من النهار وبداية النصف الآخر وجمعه باعتبار النصفين أو لأن النهار جنس، أو بالتطوع في أجزاء النهار. { لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ } متعلق بـ { سَبِّح } أي سبح في هذه الأوقات طمعاً أن تنال عند الله ما به ترضي نفسك. وقرأ الكسائي وأبو بكر بالبناء للمفعول أي يرضيك ربك.

{ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } أي نظر عينيك. { إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ } استحساناً له وتمنياً أن يكون مثله. { أَزْوٰجاً مِّنْهُمْ } وأصنافاً من الكفرة، ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في به والمفعول منهم أي الذي متعنا به، وهو أصناف بعضهم أو ناساً منهم. { زَهْرَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } منصوب بمحذوف دل عليه { مَتَّعْنَا } أو { بِهِ } على تضمينه معنى أعطينا، أو بالبدل من محل { بِهِ } أو من { أَزْوٰجاً } بتقدير مضاف ودونه، أو بالذم وهي الزينة والبهجة. وقرأ يعقوب بالفتح وهو لغة كالجهرة في الجهرة، أو جمع زاهر وصف لهم بأنهم زاهرو الدنيا لتنعمهم وبهاء زيهم بخلاف ما عليه المؤمنون الزهاد. { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } لنبلوهم ونختبرهم فيه، أو لنعذبهم في الآخرة بسببه. { وَرِزْقُ رَبِّكَ } وما ادخر لك في الآخرة، أو ما رزقك من الهدى والنبوة.

السابقالتالي
2