الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً فَرِهَٰنٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ ٱلَّذِي ٱؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }

{ وَإِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ } أي مسافرين. { وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَـٰنٌ مَّقْبُوضَةٌ } فالذي يستوثق به رهان، أو فعليكم رهان، أو فليؤخذ رهان. وليس هذا التعليق لاشتراط السفر في الإِرتهان كما ظنه مجاهد والضحاك رحمهما الله تعالى لأنه عليه السلام رهن درعه في المدينة من يهودي على عشرين صاعاً من شعير أخذه لأهله، بل لإِقامة التوثق للإِرتهان مقام التوثق بالكتابة في السفر الذي هو مظنة إعوازها. والجمهور على اعتبار القبض فيه غير مالك. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «فرهن» كسقف وكلاهما جمع رهن بمعنى مرهون: وقرىء بإسكان الهاء على التخفيف. { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا } أي بعض الدائنين بعض المديونين واستغنى بأمانته عن الارتهان. { فَلْيُؤَدّ ٱلَّذِي ٱؤْتُمِنَ أَمَـٰنَتَهُ } أي دينه سماه أمانة لائتمانه عليه بترك الارتهان به. وقرىء «الذي ايتمن» بقلب الهمزة ياء، و «الذي أتمن» بإدغام الياء في التاء وهو خطأ لأن المنقلبة عن الهمزة في حكمها فلا تدغم. { وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ } في الخيانة وإنكار الحق وفيه مبالغات. { وَلاَ تَكْتُمُواْ ٱلشَّهَـٰدَةَ } أيها الشهود، أو المدينون والشهادة شهادتهم على أنفسهم. { وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءاثِمٌ قَلْبُهُ } أي يأثم قلبه أو قلبه يأثم. والجملة خبر إن وإسناد الإِثم إلى القلب لأن الكتمان مقترفه ونظيره: العين زانية والأذن زانية. أو للمبالغة فإنه رئيس الأعضاء وأفعاله أعظم الأفعال، وكأنه قيل: تمكن الإِثم في نفسه وأخذ أشرف أجزائه، وفاق سائر ذنوبه. وقرىء { قَلْبَهُ } بالنصب كحسن وجهه. { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } تهديد.