الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ }

{ لِلْفُقَرَاء } متعلق بمحذوف أي اعمدوا للفقراء، أو اجعلوا ما تنفقونه للفقراء، أو صدقاتكم للفقراء. { ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أحصرهم الجهاد. { لاَ يَسْتَطِيعُونَ } لاشتغالهم به. { ضَرْبًا فِى ٱلأَرْضِ } ذهاباً فيها للكسب. وقيل هم أهل الصفة كانوا نحواً من أربعمائة من فقراء المهاجرين يسكنون صفة المسجد يستغرقون أوقاتهم بالتعلم والعبادة، وكانوا يخرجون في كل سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم. { يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ } بحالهم، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بفتح السين. { أَغْنِيَاء مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ } من أجل تعففهم عن السؤال، { تَعْرِفُهُم بِسِيمَـٰهُمْ } من الضعف ورثاثة الحال، والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، أو لكل أحد. { يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً } إلحاحاً، وهو أن يلازم المسؤول حتى يعطيه، من قولهم لحفي من فضل لحافه، أي أعطاني من فضل ما عنده، والمعنى أنهم لا يسألون وإن سألوا عن ضرورة لم يلحوا. وقيل: هو نفي للأمرين كقوله:
على لا حب يهتدي بمناره   
فنصبه على المصدر فإنه كنوع من السؤال، أو على الحال. { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ } ترغيب في الإِنفاق وخصوصاً على هؤلاء.