الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوٰلَهُمُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

{ وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوٰلَهُمُ ٱبْتِغَاء مَرْضَاتَ ٱللَّهِ وَتَثْبِيتًا مّنْ أَنفُسِهِمْ } وتثبيتاً بعض أنفسهم على الإِيمان، فإِن المال شقيق الروح، فمن بذل ماله لوجه الله ثبت بعض نفسه ومن بذل ماله وروحه ثبتها كلها، أو تصديقاً للإِسلام وتحقيقاً للجزاء مبتدأ من أصل أنفسهم، وفيه تنبيه على أن حكمة الإِنفاق للمنفق تزكية النفس عن البخل وحب المال. { كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ } أي ومثل نفقة هؤلاء في الزكاة، كمثل بستان بموضع مرتفع، فإن شجره يكون أحسن منظراً وأزكى ثمراً. وقرأ ابن عامر وعاصم { بِرَبْوَةٍ } بالفتح وقرىء بالكسر وثلاثتها لغات فيها. { أَصَابَهَا وَابِلٌ } مطر عظيم القطر. { فَأَتَتْ أُكُلَهَا } ثمرتها. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو بالسكون للتخفيف. { ضِعْفَيْنِ } مثلي ما كنت تثمر بسبب الوابل. والمراد بالضعف المثل كما أريد بالزوج الواحد في قوله تعالى:مِن كُلّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } [هود: 40] وقيل: أربعة أمثاله ونصبه على الحال أي مضاعفاً. { فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ } أي فيصيبها، أو فالذي يصيبها طل، أو فطل يكفيها لكرم منبتها وبرودة هوائها لارتفاع مكانها. وهو المطر الصغير القطر، والمعنى أن نفقات هؤلاء زاكية عند الله لا تضيع بحال وإن كانت تتفاوت باعتبار ما ينضم إليها من أحواله، ويجوز أن يكون التمثيل لحالهم عند الله تعالى بالجنة على الربوة ونفقاتهم الكثيرة والقليلة الزائدتين في زلفاهم بالوابل والطل. { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } تحذير عن الرئاء وترغيب في الإِخلاص.