الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى ٱلْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

{ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَكُمْ بَيْنَكُم بِٱلْبَاطِلِ } أي ولا يأكل بعضكم مال بعض بالوجه الذي لم يبحه الله تعالى. وبين نصب على الظرف، أو الحال من الأموال. { وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى ٱلْحُكَّامِ } عطف على المنهي، أو نصب بإضمار أن والإدلاء الإلقاء، أي ولا تلقوا حكومتها إلى الحكام. { لِتَأْكُلُواْ } بالتحاكم. { فَرِيقاً } طائفة. { مّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإثْمِ } بما يوجب إثماً، كشهادة الزور واليمين الكاذبة، أو ملتبسين بالإثم. { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } أنكم مبطلون، فإن ارتكاب المعصية مع العلم بها أقبح. روي أن عبدان الحضرمي ادعى على امرىء القيس الكندي قطعة من أرض ولم يكن له بينة، فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يحلف امرؤ القيس، فهم به فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَـٰنِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا } [آل عمران: 77] الآية. فارتدع عن اليمين، وسلم الأرض إلى عبدان، فنزلت. وفيه دليل على أن حكم القاضي لا ينفذ باطناً، ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام " إنما أنا بشر وأنتم تختصمون إلي. ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقضي له قطعة من نار ".