الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ }

{ وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرٰهِيمُ بَنِيهِ } التوصية هي التقدم إلى الغير بفعل فيه صلاح وقربة، وأصلها الوصل يقال: وصاه إذا وصله، وفصاه: إذا فصله، كأن الموصي يصل فعله بفعل الموصى، والضمير في بها للملة، أو لقوله أسلمت على تأويل الكلمة، أو الجملة وقرأ نافع وابن عامر وأوصى والأول أبلغ { وَيَعْقُوبَ } عطف على إبراهيم، أي ووصى هو أيضاً بها بنيه. وقرىء بالنصب على أنه ممن وصاه إبراهيم { يَا بَنِيَّ }. على إضمار القول عند البصريين، متعلق بوصى عند الكوفيين لأنه نوع منه ونظيره:
رَجُلاَنِ مِنْ ضَبَّةَ أخْبَرَانا   أَنَّا رأَيْنَا رَجُلاً عريَانا
بالكسر، وبنو إبراهيم كانوا أربعة: إسماعيل وإسحاق ومدين ومدان. وقيل: ثمانية. وقيل: أربعة عشر: وبنو يعقوب إثنا عشر: روبيل وشمعون ولاوي ويهوذا ويشسوخور وبولون وتفتوني ودون وكودا وأوشير وبنيامين ويوسف { إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدّينَ } دين الإسلام الذي هو صفوة الأديان لقوله تعالى: { فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } ظاهره النهي عن الموت على خلاف حال الإِسلام، والمقصود هو النهي عن أن يكونوا على خلاف تلك الحال إذا ماتوا، والأمر بالثبات على الإسلام كقولك: لا تصلِّ إلا وأنت خاشع، وتغيير العبارة للدلالة على أن موتهم لا على الإسلام موت لا خير فيه، وأن من حقه أن لا يحل بهم، ونظيره في الأمر مت وأنت شهيد. وروي أن اليهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألست تعلم أن يعقوب أوصى بنيه باليهودية يوم مات فنزلت.