الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ ٱصْطَفَيْنَاهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ }

{ وَمَن يَرْغَبُ عَن مِلَّةِ إِبْرٰهِيمَ } استبعاد وإِنكار لأن يكون أحد يرغب عن ملته الواضحة الغراء، أي لا يرغب أحد من ملته. { إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ } إلا من استمهنها وأذلها واستخف بها. قال المبرد وثعلب سفه بالكسر متعد وبالضم لازم، ويشهد له ما جاء في الحديث " الكبر أن تسفه الحق، وتغمص الناس ". وقيل: أصله سفه نفسه على الرفع، فنصب على التمييز نحو غبن رأيه وألم رأسه، وقول النابغة الذبياني:
وَنأْخُذُ بَعْدَهُ بِذنَابِ عَيْش   أَجَب الظَّهْرِ ليسَ لَهُ سِنَامُ
أو سفه في نفسه، فنصب بنزع الخافض. والمستثنى في محل الرفع على المختار بدلاً من الضمير في يرغب لأنه في معنى النفي. { وَلَقَدِ ٱصْطَفَيْنَـٰهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } حجة وبيان لذلك، فإن من كان صفوة العباد في الدنيا مشهوداً له بالاستقامة والصلاح يوم القيامة، كان حقيقاً بالاتباع له لا يرغب عنه إلا سفيه، أو متسفه أذل نفسه بالجهل والإعراض عن النظر.