الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ قَالُوۤاْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ }

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ } عطف على { يَكْذِبُونَ } أو { يِقُولُ }. وما روي عن سلمان رضي الله عنه أن أهل هذه الآية لم يأتوا بعد فلعله أراد به أن أهلها ليس الذين كانوا فقط، بل وسيكون من بعد من حاله حالهم لأن الآية متصلة بما قبلها بالضمير الذي فيها. والفساد: خروج الشيء عن الاعتدال. والصلاح ضده وكلاهما يعمان كل ضار ونافع.

وكان من فسادهم في الأرض هَيْجُ الحُروب والفتن بمخادعة المسلمين، وممالأة الكفار عليهم بإفشاء الأسرار إليهم، فإن ذلك يؤدي إلى فساد ما في الأرض من الناس والدواب والحرث.

ومنه إظهار المعاصي والإهانة بالدين فإن الإخلال بالشرائع والإعراض عنها مما يوجب الهرج والمرج ويخل بنظام العالم. والقائل هو الله تعالى، أو الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بعض المؤمنين. وقرأ الكسائي وهشام (قُيْل) بإشمام الضم الأول.

{ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } جواب لـ { إِذَا } رد للناصح على سبيل المبالغة، والمعنى أنه لا يصح مخاطبتنا بذلك، فإن شأننا ليس إلا الإصلاح، وإن حالنا متمحضة عن شوائب الفساد، لأن إنما تفيد قصر ما دخلت عليه على ما بعده. مثل: إنما زيد منطلق، وإنما ينطلق زيد، وإنما قالوا ذلك: لأنهم تصوروا الفساد بصورة الصلاح لما في قلوبهم من المرض كما قال الله تعالى:أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَناً } [فاطر: 8].