{ ثُمَّ بَعَثْنَـٰهُمْ } أيقظناهم. { لِنَعْلَمَ } ليتعلق علمنا تعلقاً حالياً مطابقاً لتعلقه أولاً تعلقاً استقبالياً. { أَيُّ الحِزْبَيْنِ } المختلفين منهم أو من غيرهم في مدة لبثهم. { أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَدًا } ضبط أمد الزمان لبثهم وما في أي من معنى الاستفهام علق عنه لنعلم، فهو مبتدأ و { أَحْصَىٰ } خبره. وهو فعل ماضٍ و { أَمَدًا } مفعول له و { لِمَا لَبِثُواْ } حال منه أو مفعول له، وقيل إنه المفعول واللام مزيدة وما موصولة و { أَمَدًا } تمييز، وقيل { أَحْصَىٰ } اسم تفضيل من الإِحصاء بحذف الزوائد كقولهم: هو أحصى للمال وأفلس من ابن المذلق، و { أَمَدًا } نصب بفعل دل عليه { أَحْصَىٰ } كقوله:
وَأضـرب مِـنَّا بِالسُّيُـوفِ القَوَانِـسَا
{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقّ } بالصدق. { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ } شبان جمع فتى كصبي وصبية. { ءَامَنُواْ بِرَبّهِمْ وَزِدْنَـٰهُمْ هُدًى } بالتثبيت. { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } وقويناها بالصبر على هجر الوطن والأهل والمال، والجراءة على إظهار الحق والرد على دقيانوس الجبار. { إِذْ قَامُواْ } بين يديه. { فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا } والله لقد قلنا قولاً ذا شطط أي ذا بعد عن الحق مفرط في الظلم. { هَـؤُلاء } مبتدأ. { قَوْمُنَا } عطف بيان. { ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ ءالِهَةً } خبره، وهو إخبار في معنى إنكار. { لَّوْلاَ يَأْتُونَ } هلا يأتون. { عَلَيْهِمْ } على عبادتهم. { بِسُلْطَـٰنٍ بَيّنٍ } ببرهان ظاهر فإن الدين لا يؤخذ إلا به، وفيه دليل على أن ما لا دليل عليه من الديانات مردود وأن التقليد فيه غير جائز. { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا } بنسبة الشريك إليه. { وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ } خطاب بعضهم لبعض. { وَمَا يَعْبُدُونَ إَلاَّ ٱللَّهَ } عطف على الضمير المنصوب، أي وإذا اعتزلتم القوم ومعبوديهم إلا الله، فإنهم كانوا يعبدون الله ويعبدون الأصنام كسائر المشركين. ويجوز أن تكون { مَا } مصدرية على تقدير وإذ اعتزلتموهم وعبادتهم إلا عبادة الله، وأن تكون نافية على أنه إخبار من الله تعالى عن الفتية بالتوحيد معترض بين { إِذْ } وجوابه لتحقيق اعتزالهم. { فَأْوُواْ إِلَى ٱلْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم } يبسط الرزق لكم ويوسع عليكم. { مّن رَّحْمَتِهِ } في الدارين. { وَيُهَيّىء لَكُمْ مّنْ أَمْرِكُمْ مّرْفَقًا } ما ترتفقون به أي تنتفعون، وجزمهم بذلك لنصوع يقينهم وقوة وثوقهم بفضل الله تعالى، وقرأ نافع وابن عامر { مّرْفَقًا } بفتح الميم وكسر الفاء وهو مصدر جاء شاذاً كالمرجع والمحيض فإن قياسه الفتح. { وَتَرَى ٱلشَّمْسَ } لو رأيتهم، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لكل أحد. { إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ } تميل عنه ولا يقع شعاعها عليهم فيؤذيهم، لأن الكهف كان جنوبياً، أو لأن الله تعالى زورها عنهم.